من هو الدكتور فيلاوين سفيان؟ سيرة طبيب جزائري استثنائي رحل في صمت
في صباح يوم هادئ، استيقظ الجزائريون على خبر مفجع: وفاة الطبيب المعروف الدكتور فيلاوين سفيان في حادث سير مأساوي، أثناء توجهه إلى عمله في العاصمة الجزائرية. خبر نزل كالصاعقة على زملائه، وترك فراغًا كبيرًا في قلوب مرضاه وكل من عرفوه عن قرب.
لم يكن مجرد طبيب ناجح، بل كان رجلًا إنسانيًا فذًا وأحد أعمدة السلك الطبي في الجزائر، حيث عُرف بتفانيه في العمل وحرصه على خدمة المحتاجين دون مقابل، بل وحتى القيام بعمليات طبية مجانية للفئات الهشة، ما جعله شخصية محبوبة وموثوقة داخل وخارج ولايته.
من هو الدكتور فيلاوين سفيان؟
تداول الجزائريون اسم الدكتور فيلاوين سفيان عبر المنصات الاجتماعية والمواقع الإخبارية، بعد إعلان خبر وفاته. لكن من هو هذا الرجل الذي أبكى مريضاته وزملاءه، وخلّف وراءه إرثًا لا يُنسى في المجال الطبي؟
النشأة والمهنة:
- وُلد الدكتور فيلاوين سفيان في الجزائر، في محافظة سطيف، سنة 1979.
- تخصّص في طب النساء والتوليد وطب الأطفال، وبرز منذ بداياته كأحد الأطباء المتميزين.
- عمل في عدد من المستشفيات الجزائرية العامة والخاصة، كما قام بفتح عيادته الخاصة في سطيف لاحقًا.
إنجازاته الطبية ومساهماته في مجال طب النساء والأطفال
لم تكن مهنة الطب بالنسبة للدكتور سفيان مجرّد وظيفة، بل كانت رسالة إنسانية يؤديها بكل حب وصدق، وقد شهد له المئات من المرضى بعطائه غير المحدود.
أبرز إنجازاته:
- أول طبيب جزائري يجري عملية مبتكرة لمعالجة حالات المشيمة الملتصقة، وهي من العمليات شديدة الدقة والتي تتطلب مهارة عالية، وتم تنفيذها بنجاح مما اعتُبر إنجازًا طبيًا على مستوى شمال أفريقيا.
- من أوائل الأطباء في العالم الذين استخدموا تقنية خاصة في إنقاذ حالات الولادة الحرجة، ضمن جهود طبية لخفض نسب وفيات الأمهات.
- سعى طوال مسيرته لتقديم رعاية صحية مجانية للفقراء والأرامل والمطلقات، خاصة في المناطق الداخلية.
- شارك في حملات صحية تطوعية في المدارس والمراكز المجتمعية لتوعية النساء بمخاطر الحمل والولادة غير الآمنة.
وفاته المفاجئة.. حادث مروري أنهى مسيرة العطاء
مثلما كانت حياته مليئة بالعطاء، كانت وفاته مفاجئة وصادمة، وخلّفت حالة حزن عارمة في أوساط المجتمع الطبي والإنساني.
تفاصيل الحادث:
- توفي الدكتور فيلاوين سفيان صباح يوم الثلاثاء 13 مايو 2025.
- كان يقود سيارته في منطقة الدار البيضاء بالعاصمة الجزائرية، متوجهًا إلى عمله، قبل أن تنحرف المركبة وتنقلب، ما أدى إلى وفاته على الفور.
- تم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه ولاية سطيف، حيث شُيّعت جنازته بحضور رسمي وشعبي كبير.
جنازة مهيبة ورسائل وداع مؤثرة
تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة عزاء، وامتلأت الصفحات بصور وذكريات ورسائل توديع للدكتور الراحل، الذي لم يكن معروفًا فقط داخل الأوساط الطبية، بل في أوساط عامة الناس الذين خدمهم بمحبة.
من أبرز ما قيل عنه:
- “كان طبيبًا قبل أن يكون إنسانًا، وكان إنسانًا قبل أن يكون موظفًا.”
- “الدكتور سفيان أنقذ حياة أختي ورفض أخذ أي أجر.. لن أنساه ما حييت.”
- “رحيلك خسارة للجزائر، ولسطيف، ولمن يعرف معنى الإنسانية.”
لماذا اعتُبر فيلاوين سفيان من أعمدة الطب في الجزائر؟
في بلد يعاني من نقص الكفاءات الطبية، كان الدكتور فيلاوين سفيان قدوة حقيقية في المهنة، ولم يكن يسعى للشهرة أو المال، بل آمن أن واجبه الأول هو خدمة الناس.
الأسباب:
- خبرته الواسعة ومهاراته النادرة في إجراء العمليات المعقدة.
- أخلاقياته العالية، حيث رفض أكثر من مرة عروضًا مالية مغرية للعمل في الخارج، وفضّل البقاء في الجزائر لخدمة أبناء وطنه.
- أسلوبه الإنساني في التعامل مع المرضى، حيث كان يستمع لهم ويوجّههم ويطمئنهم دائمًا.
ردود الفعل الرسمية على وفاته
- نقابة الأطباء في الجزائر نعت الفقيد ببيان رسمي ووصفت وفاته بـ”الخسارة الكبرى للقطاع الصحي”.
- وزارة الصحة أشارت إلى أن الدكتور سفيان كان من الأطباء الذين ساهموا في تحسين جودة الرعاية الطبية في مستشفيات الجزائر الداخلية.
- تم اقتراح تسمية جناح الولادة في مستشفى سطيف باسمه تخليدًا لذكراه.
حياته الشخصية.. الجانب الآخر من سفيان
بعيدًا عن البزة الطبية، كان الدكتور فيلاوين سفيان زوجًا وأبًا وركيزة لعائلته الصغيرة والكبيرة، ورغم انشغالاته الكثيرة، لم يُقصّر يومًا في واجباته تجاه أسرته. معلومات متاحة:
- متزوج وله أطفال، رغم أن الإعلام لم يسلط الضوء كثيرًا على حياته العائلية.
- معروف عنه الهدوء، وقلة الظهور الإعلامي، وتركّزه في عمله بالدرجة الأولى.
- رفض أكثر من مرة المشاركة في برامج تلفزيونية رغم دعواته لتقديم الوعي الصحي.
أثره المستمر.. ما بعد الوفاة
حتى بعد وفاته، استمرت صدى إنجازاته:
- أطلقت جمعية أطباء سطيف حملة لتكريمه تحت عنوان: “خطوة في طريق سفيان”.
- بدأ طلاب كلية الطب في جامعة سطيف جمع توقيعات لطلب إنشاء منحة دراسية باسمه تخصص لطلبة الطب ذوي الأداء المتميز.
ختامًا: برحيل الدكتور فيلاوين سفيان، لا تخسر الجزائر طبيبًا فقط، بل قيمة وطنية نادرة جسدت المعنى الحقيقي للعطاء. فبين غرفة العمليات، وقاعات الانتظار، وساحات التطوع، ترك أثرًا خالدًا لن تمحوه الأيام، وسيبقى في ذاكرة مرضاه، وطلابه، وكل من عمل إلى جانبه.