تصريحات أسامة الأزهري حول ابن عثيمين: ردود فعل وجدل كبير في مواقع التواصل
أسامة الأزهري ابن عثيمين
أحدث الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف المصري، ضجة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي مؤخرًا بعد أن ناقش رسالة ماجستير لأحد الباحثين في كلية العلوم الإسلامية للأزهر. الجدل انطلق من سؤال طرحه الأزهري على الباحث حول استشهاد الأخير بفتاوى الشيخ محمد بن عثيمين، مما أثار نقاشًا حادًا بين المؤيدين والمعارضين. في هذا المقال، نعرض تفاصيل الحادثة، ردود الفعل عليها، وآراء علماء في الموضوع.
تفاصيل الحادثة وسبب الجدل
في سياق مناقشة رسالة الماجستير التي ناقشها الدكتور أسامة الأزهري، طرح سؤالًا على الباحث عن أحد المراجع التي استشهد بها في رسالته، والتي كانت “مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين“. وبدلاً من أن يكون رده تقليديًا، أبدى الأزهري استنكارًا لما ورد في الرسالة، قائلًا إنه لا يوجد أزهري حقيقي يمكنه الاستشهاد بفتاوى الشيخ ابن عثيمين. وأضاف الأزهري أن منهج ابن عثيمين يُخالف منهج الأزهر الشريف في العديد من القضايا، مؤكداً أنه لا يجوز الاستشهاد بفتاواه في هذا السياق، خاصة في مسألة الإلحاد التي كانت موضوع الرسالة.
وأكد الأزهري أن استشهاد الباحث بفتاوى ابن عثيمين في مثل هذا البحث يعد أمرًا غير مبرر، مطالبًا بضرورة الرجوع إلى الكتب والمراجع التي تمت دراستها وتقبلها من قبل علماء الأزهر منذ وقت طويل. مستشهدًا بكتاب “تاريخ الملحدين عند المسلمين” و**”الانتصار في الرد على ابن الراوندي”** كأمثلة على المراجع الأكثر مصداقية في مثل هذا الموضوع.
ردود فعل المجتمع العلمي والديني
تفاعل العديد من علماء الدين والباحثين مع تصريحات الأزهري، وجاءت ردود الفعل بين مؤيد ومعارض. من أبرز المؤيدين كان أحمد النبوي، أستاذ الحديث وعلومه في جامعة الأزهر، الذي أكد أن رد الأزهري كان صائبًا في تلك الحالة. وأوضح النبوي أن الشيخ ابن عثيمين كان يطرح آراء قد تكون بعيدة عن المنهج الذي يتبعه الأزهر في كثير من المسائل الشرعية. وأشار إلى أن بعض فتاوى ابن عثيمين تتعارض مع المعتمد في المذاهب الأربعة، خاصة في مسألة التوسل والاستغاثة بالأموات، التي يعتبرها الشيخ عثيمين شركًا أكبر.
وقال النبوي إن الاستشهاد بفتاوى ابن عثيمين في مثل هذه المسائل ليس مناسبًا، حيث إن المراجع الأكثر موثوقية في الإسلام تأتي من فقهاء المذاهب الأربعة، الذين يتبنى الأزهر منهجهم الشرعي. كما أضاف أنه من الضروري أن يكون الباحث في مجال الدراسات الإسلامية مرتبطًا بالمراجع التي تتماشى مع المنهج الأزهري المعتبر، بعيدًا عن آراء قد تثير الجدل في الأوساط العلمية.
من هو الشيخ محمد بن عثيمين؟
الشيخ محمد بن عثيمين كان واحدًا من أبرز العلماء في المملكة العربية السعودية وأحد الأئمة المشهورين في العصر الحديث. وُلد في القصيم في عام 1929 وتوفي في عام 2001. كان معروفًا بآرائه القوية في مجال الفقه والتفسير، وساهم بشكل كبير في الإعلام الديني من خلال دروسه ومحاضراته التي كانت تُنقل على الهواء عبر الإذاعة والتلفزيون.
وكانت بعض فتاوى ابن عثيمين، مثل تلك المتعلقة بالاستغاثة بالأموات والتوسل، محل جدل كبير بين العلماء. حيث يرى البعض أن هذه الآراء تتوافق مع السلفية، بينما يرى آخرون أنها قد تثير الانقسامات بين المسلمين خاصة في القضايا المتعلقة بالتوحيد والشرك. وقد كتب الشيخ العديد من الكتب التي يدرسها طلبة العلم في مختلف الدول العربية والإسلامية، مما يجعله مرجعية لدى الكثير من الأفراد.
آراء منتقدة لتصريحات الأزهري
في المقابل، لم تخلُ القضية من الانتقادات من بعض الأفراد الذين رأوا أن تصريحات الدكتور الأزهري قد تكون محاولة للتقليل من مكانة ابن عثيمين. قال الداعية حاتم الحويني: “إن الشيخ ابن عثيمين سيظل مرجعًا هامًا لكل الباحثين المنصفين في الفقه الإسلامي“، مشيرًا إلى أن ما طرحه الأزهري غير دقيق في هذا السياق. وأضاف الحويني أن ابن عثيمين قدّم إسهامات كبيرة في فهم الفقه الإسلامي، وبالتالي لا ينبغي التقليل من آراءه بشكل عاطفي.
من جهة أخرى، يرى بعض الباحثين في العلوم الإسلامية أن ما قاله الأزهري كان تصحيحًا مهمًا، وأنه لا بد من التمسك بمنهجية الأزهر في العلم الشرعي بعيدًا عن الآراء التي قد تثير الجدل في القضايا الحساسة. واعتبروا أن مراجعة الفتاوى من منظور أكاديمي صحيحة هو أمر مهم للحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية.
أهمية هذه الحادثة في تجديد النقاش حول منهجية الأزهر
الحادثة كانت بمثابة نقطة انطلاق لنقاش مهم حول منهجية الأزهر الشريف في دراسة الفقه الإسلامي والتعامل مع الآراء المختلفة. فبينما يبقى الأزهر مرجعية مهمة في العالم الإسلامي، تُظهر هذه الواقعة ضرورة أن يتم إقرار آراء قد تكون مخالفة للأزهر بعيدًا عن الاتهامات والطعن في العلماء، بل ينبغي أن تُناقش في أطر علمية محايدة.
خاتمة:
إذًا، تصاعد الجدل حول تصريحات الدكتور أسامة الأزهري بشأن الشيخ ابن عثيمين أتاح فرصة لتعميق الحوار في المسائل الشرعية وتوضيح المنهج العلمي المتبع في الأزهر الشريف. وبينما سيظل ابن عثيمين واحدًا من العلماء المؤثرين في العالم الإسلامي، فإنه من المهم أن تظل النقاشات العلمية مرتبطة بالمرجعية الشرعية العامة للأمة، بعيدًا عن أي تعصب أو تقليل من قيمة الآخرين.