قصة الدكتور رياض أحمد العميسي الذي خرج من سجن صيدنايا فاقدًا للذاكرة
تُعد قصة الدكتور رياض أحمد العميسي واحدة من أكثر القصص الإنسانية إثارة للجدل والتعاطف في الفترة الأخيرة. بعدما قضى سنوات طويلة في سجون النظام السوري، خرج فاقدًا للذاكرة ليصبح رمزًا لمعاناة المعتقلين في ظل الأنظمة القمعية. اعتقل العميسي في دمشق عام 2013 أثناء دراسته العليا في الطب، ومنذ ذلك الحين اختفى أثره حتى أُفرج عنه ضمن تحرير السجناء بعد سقوط النظام السوري، وهو في حالة يرثى لها دون أن يتذكر شيئًا من ماضيه.
تشير عائلته، التي تعيش في اليمن، إلى أن الرجل الذي يظهر في مقاطع الفيديو والصور المنتشرة قد يكون ابنهم، لكن حالته الصحية وصعوبة التعرف عليه أثارت شكوكًا تتطلب تأكيدًا علميًا عبر فحوصات DNA. مع هذه الشكوك، ناشدت العائلة السلطات اليمنية والأردنية والسورية للتعاون من أجل الكشف عن الحقيقة، بينما تبرز قضيته كرمز لمعاناة الآلاف من المعتقلين الذين لا يزالون مجهولي المصير.
تفاصيل اعتقال الدكتور رياض أحمد العميسي
حصل الدكتور رياض العميسي على شهادة البكالوريوس في الطب من جامعة صنعاء، بدأ حياته المهنية في مدينة حجة اليمنية حيث اكتسب سمعة طيبة بين مرضاه، وفي عام 2012، قرر الانتقال إلى سوريا لاستكمال دراساته العليا في مجال الطب.
بدأت مأساة الدكتور رياض أحمد العميسي، الطبيب اليمني الشاب، في عام 2013 عندما كان يتابع دراسته العليا في الطب بدمشق. بينما كان يؤدي عمله الإنساني في أحد المستشفيات، تم اعتقاله بشكل مفاجئ من قبل فرع المخابرات الجوية السورية، أحد أبرز الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري. منذ تلك اللحظة، انقطعت أخباره تمامًا، ودخل في دوامة من الإخفاء القسري الذي استمر لسنوات طويلة داخل سجن صيدنايا، المعروف بسمعته السيئة وارتكاب أبشع أنواع التعذيب ضد المعتقلين.
وفقًا لشهادات الناجين، تعرض الدكتور رياض لأقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، ما أدى لاحقًا إلى فقدانه للذاكرة. كانت حالته تمثل جزءًا صغيرًا من معاناة آلاف المعتقلين الذين عاشوا في ظروف لا تُحتمل، حيث أصبح رمزًا لمعاناة المعتقلين الأبرياء الذين دفعوا ثمن الحروب والقمع.
بعد سنوات من الظلام، أفرجت المعارضة السورية عن مجموعة من المعتقلين بعد سقوط النظام، وكان من بينهم شخص قيل إنه الدكتور رياض العميسي.
كان الرجل فاقدًا للذاكرة، ولم يتذكر سوى القليل عن هويته أو ماضيه، ونُقل لاحقًا إلى الأردن لتلقي الرعاية الطبية، وعند رؤية الصور ومقاطع الفيديو، أعربت عائلة الدكتور رياض في اليمن عن أملها بأن يكون الرجل هو ابنهم المفقود، وطلبت الأسرة من السلطات الأردنية إجراء فحص DNA للتأكد من هويته.
جهود التعرف على هوية المفرج عنه
بعد الإفراج عن الشخص فاقد الذاكرة، بدأت جهود مكثفة للتعرف على هويته الحقيقية. تولت السلطات الأردنية مهمة توفير الرعاية الصحية له، مع إجراء الفحوصات اللازمة، بما في ذلك اختبار DNA، لتحديد هويته بدقة. من ناحية أخرى، بادرت عدة عائلات من مختلف الدول العربية بالتواصل مع المسؤولين، على أمل أن يكون هذا الشخص أحد أقربائهم المفقودين منذ سنوات.
في الوقت نفسه، ناشدت عائلة الدكتور رياض أحمد العميسي، التي تترقب بفارغ الصبر أي معلومة حول مصير ابنها، السلطات اليمنية والأردنية للتنسيق وتوفير الدعم اللازم لإجراء فحص الجينات الوراثية للتأكد مما إذا كان المفرج عنه هو طبيبهم المختفي منذ عام 2013. هذه الجهود المستمرة تعكس الأمل الكبير لدى العديد من الأسر التي فقدت أحباءها في ظروف غامضة.
خلفية عن سجن صيدنايا
يُعد سجن صيدنايا رمزًا للرعب في سوريا، حيث يُمارس فيه أسوأ أنواع التعذيب والإخفاء القسري.
- يُقدر عدد الضحايا الذين فقدوا حياتهم داخل هذا السجن بالآلاف.
- أُطلق عليه لقب “مسلخ بشري” بسبب الأوضاع المأساوية التي يعاني منها المعتقلون.
- تعرض الدكتور رياض العميسي أثناء فترة اعتقاله في هذا السجن لتعذيب ممنهج تسبب في فقدانه للذاكرة.
تأثير القصة على الرأي العام
قصة الدكتور رياض العميسي لم تكن مجرد مأساة شخصية، بل أصبحت رمزًا لمعاناة الآلاف من المعتقلين في السجون السورية.
- تناولت وسائل الإعلام العربية والدولية قضيته بشكل واسع، مشيرة إلى الانتهاكات التي تعرض لها.
- أثارت قصته موجة تعاطف كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث دعا الناس إلى ضرورة تقديم المساعدة له ولأسرته.
- عكست هذه القصة الألم الجماعي الذي عانى منه الكثيرون في سوريا واليمن.
معاناة المعتقلين في سجون النظام السوري1
تُعتبر معاناة المعتقلين في سجون النظام السوري من أبشع الأمثلة على انتهاكات حقوق الإنسان في العصر الحديث. فقد تحولت هذه السجون إلى أماكن للرعب والقمع الممنهج، حيث يتعرض المعتقلون لمختلف أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، بما في ذلك الضرب المبرح، الحرمان من النوم، والإهمال الطبي المتعمد.
سجون مثل صيدنايا أصبحت رمزًا للظلم والانتهاكات، حيث لا يقتصر الأمر على التعذيب فقط، بل يمتد إلى الإخفاء القسري وغياب المحاكمات العادلة. كثير من المعتقلين قضوا سنوات طويلة دون معرفة مصيرهم، تاركين وراءهم عائلات تعيش في قلق دائم بين الأمل واليأس. قصة المعتقلين ليست مجرد أرقام وإحصائيات، بل هي شهادات حية على معاناة لا تزال مستمرة في ظل غياب المساءلة الدولية.
ما ينتظر الدكتور رياض العميسي
بعد خروجه من سجن صيدنايا فاقدًا للذاكرة، يواجه الدكتور رياض العميسي تحديات كبيرة على المستويين الصحي والإنساني. يتطلب وضعه الحالي توفير رعاية طبية مكثفة لإعادة تأهيل ذاكرته، إلى جانب الدعم النفسي للتعافي من الآثار النفسية العميقة التي خلفها الاعتقال الطويل والتعذيب.
بالإضافة إلى ذلك، تنتظر العائلة نتائج فحص DNA للتأكد من هويته، وهو ما سيحدد مصيره النهائي. في حال تأكيد هويته، ستكون الخطوة التالية هي إعادته إلى اليمن ولمّ شمله مع أسرته التي انتظرت هذه اللحظة لعقد كامل. القضية تتجاوز مجرد فرد لتسلط الضوء على أهمية تأمين حياة كريمة للناجين من السجون وضمان حقوقهم الأساسية في المستقبل.
ختامًا: تمثل قصة الدكتور رياض أحمد العميسي إحدى أبرز المآسي الإنسانية التي تكشف عن عمق معاناة المعتقلين في السجون السورية. خروج العميسي فاقدًا للذاكرة هو شهادة حية على الانتهاكات التي شهدها المعتقلون طوال سنوات من القمع. وبينما ينتظر الجميع نتائج فحوصات تحديد الهوية، يبقى الأمل أن تكون هذه القصة بداية لفصل جديد يُعيد للمعتقلين صوتهم المفقود وكرامتهم المسلوبة.