نزاع الصحراء يشتعل مجدداً: محكمة التحكيم الرياضية تُفصل في “أزمة قميص نهضة بركان”
يشهد عالم كرة القدم صراعاً جديداً ذا أبعاد سياسية، يتعلق بقضية “خريطة الصحراء” المثيرة للجدل، وذلك بعدما تقدّم الاتحاد الجزائري لكرة القدم ونادي اتحاد العاصمة طعناً رسمياً لدى محكمة التحكيم الرياضية ضد قرار الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) بالسماح لنادي نهضة بركان المغربي بارتداء قميص يحمل خريطة المغرب تضم منطقة الصحراء المتنازع عليها.
تفاصيل أزمة قميص نهضة بركان
يرتبط هذا النزاع بمباراتي نصف نهائي كأس الكونفيدرالية الأفريقية بين فريقي اتحاد العاصمة الجزائري حامل اللقب ونادي نهضة بركان المغربي، حيث تضمن قميص نهضة بركان خريطة المغرب التي تُظهر منطقة الصحراء كجزء من الأراضي المغربية، وهو ما اعتبرته الجزائر استفزازاً سياسياً وتعدياً على سيادتها على المنطقة المتنازع عليها.
رفض جزائري وقرارات كاف
رفض الاتحاد الجزائري لكرة القدم ونادي اتحاد العاصمة هذا التصرف، وقدموا احتجاجاً رسمياً للكاف، طالبوا خلاله بمعاقبة نهضة بركان ومنعه من ارتداء القميص. إلا أن الكاف رفض هذا الاحتجاج، وأصدر قراراً يسمح لنهضة بركان بارتداء القميص، معتبراً أنه لا يتضمن أي شعارات أو رسومات سياسية مخالفة للقوانين.
تصاعد الأزمة وتداعياتها
أدى قرار الكاف إلى تصاعد حدة التوتر بين الجزائر والمغرب، وتبادل الجانبان الاتهامات، كما تم إلغاء مباراتي نصف النهائي بين الفريقين، ومنح الكاف الفوز لنادي نهضة بركان بنتيجة 3-0.
لجوء إلى محكمة التحكيم الرياضية
لم يرضخ الاتحاد الجزائري ونادي اتحاد العاصمة لقرار الكاف، فتقدما بطعن رسمي لدى محكمة التحكيم الرياضية، أعلى سلطة قضائية في مجال الرياضة، للمطالبة بإعادة النظر في قرار الكاف وإلغاء فوز نهضة بركان.
مسار القضية في محكمة التحكيم
أعلنت محكمة التحكيم الرياضية قبولها للطعن الجزائري، وبدأت جلسات الاستماع لدراسة القضية من قبل قضاة مختصين. وتبادل الطرفان، حالياً، المذكرات المكتوبة لتقديم حججهما ودفاعاتهما.
انتظار حاسم وتأثير على نهائي الكونفيدرالية
لم تحدد محكمة التحكيم الرياضية حتى الآن موعداً نهائياً لإصدار حكمها في هذه القضية، مما يُثير قلقاً وتوترًا كبيرين بشأن مصير نهائي كأس الكونفيدرالية الأفريقية، المقرر إقامته بين نهضة بركان والزمالك المصري.
تبلغ قيمة عقد رعاية نهضة بركان مع شركة “مولاي الذهب” المغربية، والتي تظهر خريطتها على قميص الفريق، 10 ملايين درهم مغربي (حوالي مليون دولار أمريكي).
سبق لـ “الكاف” أن رفض احتجاجاً من المغرب ضد ارتداء لاعبين جزائريين قمصاناً تحمل ألوان العلم الفلسطيني خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية 2019، فيما دعت بعض الأصوات في الجزائر إلى مقاطعة البضائع المغربية، رداً على “خريطة القميص”.
نبذة عن الصراع الجزائري المغربي على الصحراء
خلفية تاريخية:
- كانت الصحراء الغربية مستعمرة إسبانية حتى عام 1975، عندما انسحبت إسبانيا تاركةً الإقليم خاضعاً للنزاع بين المغرب والجزائر.
- يدعي المغرب أن الصحراء جزءٌ لا يتجزأ من أراضيه التاريخية، بينما تساند الجزائر جبهة البوليساريو التي تسعى إلى استقلال الصحراء.
مراحل الصراع:
- حرب الرمال (1963): صراع مسلح قصير بين المغرب والجزائر حول الحدود بين البلدين.
- مسيرة خضراء (1975): عبور مئات الآلاف من المغاربة العُزّل للصحراء الغربية بعد انسحاب إسبانيا، رداً على مساعي الجزائر لتدويل القضية.
- حرب الصحراء (1975-1991): حربٌ أهليةٌ دارت بين المغرب وجبهة البوليساريو، تدخلت فيها الجزائر بشكلٍ غير مباشر.
- وقف إطلاق النار (1991): توسطت الأمم المتحدة في اتفاق لوقف إطلاق النار، ونشرت بعثةً لحفظ السلام (المينورسو) للإشراف على استفتاء لتقرير مصير الصحراء.
- المفاوضات (1991-الحاضر): جولاتٌ متعددةٌ من المفاوضات برعاية الأمم المتحدة لم تتوصل إلى حلٍ نهائي حتى الآن.
جوانب الصراع:
- سياسية: يدور الصراع حول السيادة على الصحراء الغربية، ويرتبط بقضايا الهوية الوطنية والتاريخ والأمن الإقليمي.
- اقتصادية: تملك الصحراء احتياطياتٍ كبيرة من الموارد الطبيعية، مثل الفوسفات والحديد، مما يُشكل عامل جذبٍ مهمٍ لكلا البلدين.
- إنسانية: يعاني سكان مخيمات اللاجئين الصحراويين في الجزائر من ظروفٍ قاسية، بينما تتهم جبهة البوليساريو المغرب بانتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء.
الوضع الحالي:
- لا يزال الصراع دون حلٍ نهائي، وتستمر المفاوضات برعاية الأمم المتحدة.
- تتهم الجزائر المغرب بعرقلة المفاوضات، بينما يتهم المغرب الجزائر بدعم جبهة البوليساريو عسكرياً.
- ازدادت حدة التوتر بين البلدين في السنوات الأخيرة، خاصةً بعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء عام 2020.
خاتمة: يُلقي نزاع “قميص نهضة بركان” بظلاله على العلاقات السياسية بين الجزائر والمغرب، كما يُشكل تحدياً كبيراً لمحكمة التحكيم الرياضية في إصدار حكم عادل يُرضي جميع الأطراف، ويحافظ على حيادية الرياضة بعيداً عن الصراعات السياسية.