وفاة سعد البواردي الشاعر والأديب السعودي عن عمر يناهز 95 عامًا
ودّعت الساحة الأدبية والثقافية في المملكة العربية السعودية واحدًا من أبرز أعمدتها، برحيل الشاعر والأديب الكبير سعد البواردي، الذي وافته المنية يوم الأحد الموافق 22 شوال 1446هـ (20 أبريل 2025م)، عن عمر ناهز 95 عامًا، بعد مسيرة إبداعية حافلة امتدت لأكثر من ستة عقود، قدم خلالها أكثر من خمسين مؤلفًا أدبيًا وشعريًا تركت أثرًا خالدًا في الوجدان العربي.
في هذا المقال، نُلقي الضوء على سيرة سعد البواردي، ونستعرض ملامح مسيرته، وأهم إنجازاته، وتفاصيل رحيله التي تصدر بها محركات البحث واهتمام المتابعين في السعودية والوطن العربي.
من هو سعد البواردي؟
هو سعد بن عبد الله البواردي، من مواليد محافظة شقراء عام 1930م، نشأ في بيئة محافظة مثقفة، وكان والده شاعرًا وأميرًا للبلدة. فقد والده وهو لم يتجاوز الثالثة عشرة، فاضطر لبدء مشواره في الكفاح مبكرًا، فتنقل بين شقراء، عنيزة، والطائف لمواصلة تعليمه، قبل أن يبدأ حياته العملية في المنطقة الشرقية، حيث عمل عامل ميزان، وبائع قطع غيار سيارات.
لم يكن يعلم أن هذه التجارب الحياتية القاسية ستكون هي البوابة إلى عالم الصحافة والفكر، والذي انطلق فيه صدفةً، لكنه صنع فيه اسمًا لا يُنسى.
إنجازاته الصحفية
يُعد الراحل من رواد الصحافة في المملكة، حيث أسس مجلة “الإشعاع” في مدينة الخبر عام 1375هـ (1955م)، وكانت مجلة أدبية اجتماعية رائدة، رغم محدودية مواردها. كتب فيها بأسماء مستعارة مثل “س. ب”، “فتى الوشم”، و”أبو سمير”.
واشتهر بزاويته الأسبوعية “استراحة داخل صومعة الفكر”، التي كانت تنشر في جريدة “الجزيرة” لعقود طويلة، وتُعد من أكثر الزوايا الفكرية قراءة وتأثيرًا.
كما نشر مقالاته في صحف ومجلات سعودية بارزة مثل:
اليمامة، الجزيرة، اليوم، المسائية، الأضواء، الرائد، الفيصل، المجلة العربية، الحرس الوطني.
رحلته العملية
- عمل في إدارة العلاقات العامة، وفي وزارة المعارف، حيث شغل عدة مواقع منها:
- سكرتير المجلس الأعلى للتعليم.
- سكرتير المجلس الأعلى للعلوم والفنون والآداب.
- تولى إدارة مجلة المعرفة.
- عمل ملحقًا ثقافيًا في بيروت والقاهرة لصالح وزارة التعليم العالي.
كل هذه المهام جعلت من البواردي رجل فكر وثقافة وسياسة في آنٍ واحد.
أبرز مؤلفاته الأدبية والشعرية
ترك الأديب سعد البواردي إرثًا أدبيًا ضخمًا يزيد على 50 كتابًا، من أبرزها:
- “أغنية العودة” (1378هـ)
- “فلسفة المجانين” (1377هـ)
- “شبح من فلسطين”
- “إبحار ولا بحر”
- “صفارة الإنذار”
- “ذرات في الأفق”
- “أجراس المجتمع”
- “قصائد تخاطب الإنسان” (1989م)
- “حتى لا نفقد الذاكرة”
- “قصائد تتوكأ على عكاز”
- “أغنيات لبلادي”
- “رسائل إلى نازك” (في إشارة إلى الشاعرة نازك الملائكة)
كل عمل من هذه الأعمال حمل بصمته الفكرية الرفيعة، ورؤيته الإنسانية العميقة، التي كانت تتنوع بين النثر والشعر والقصة والمقال.
وسام الملك عبد العزيز وتكريمه في الجنادرية
في عام 2014م (1435هـ)، كرّم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود الشاعر سعد البواردي بمنحه وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، وذلك خلال فعاليات مهرجان الجنادرية 29، تقديرًا لإسهاماته الأدبية والثقافية.
كان هذا التكريم تتويجًا لمسيرة إنسان وهب عمره للكلمة، واستحق أن يُخلّد اسمه ضمن كبار المثقفين السعوديين والعرب.
حزن الوسط الثقافي على رحيله
فور إعلان وفاته، تصدّر خبر وفاة سعد البواردي المنصات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي، وعبّر الأدباء والمثقفون عن حزنهم لفقدان قامة أدبية فريدة.
كتب صديقه الأديب حمد القاضي عبر منصة “X”:
“غيّب الموت اليوم الرائد الأديب الشاعر #سعد_البواردي رحمه الله، أحد رواد الصحافة والثقافة ببلادنا، الذي أثرى أدبنا بالمؤلفات والدواوين الشعرية. عمل مع علامة الجزيرة حمد الجاسر حين أسس مجلة اليمامة، وكان أحد كتابها البارزين. العزاء لأسرته وكل محبيه وقرائه.”
وفاته وتفاصيلها
توفي سعد البواردي يوم الأحد 22 شوال 1446هـ الموافق 20 أبريل 2025م، عن عمر ناهز 95 عامًا، وبهذا يسدل الستار على حياة حافلة بالعطاء والريادة.
نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
ماذا يعلّمنا إرث سعد البواردي؟
- أن الرحلة لا تبدأ من القمة، بل من التعب والمثابرة.
- أن العمل الأدبي الحقيقي لا يموت.
- أن الكلمة الصادقة تستطيع أن تؤسس لمكانة مرموقة في المجتمع.
لقد كتب البواردي سيرته في كتبه، وكتبها الناس في قلوبهم، وسيبقى اسمه حاضرًا في ذاكرة الأدب السعودي والعربي لسنوات قادمة.