هل يجب صيام العشر من ذي الحجة كاملة؟.. إليك الحكم الشرعي والتفصيل الكامل لعام 1446 – 2025
مع حلول شهر ذي الحجة 1446 هـ / 2025 م، تكثر الأسئلة الشرعية التي يبحث عنها المسلمون بشغف في محركات البحث، ومن أبرزها السؤال المتكرر: هل يجب صيام العشر من ذي الحجة كاملة؟
ويُعد هذا السؤال من أكثر المواضيع تداولًا بين المسلمين في العالم العربي والإسلامي، خصوصًا في الأيام التي تسبق عيد الأضحى المبارك، حيث تُمثل هذه الأيام فرصة ذهبية للتقرب من الله تعالى بالأعمال الصالحة، وعلى رأسها الصيام.
في هذا المقال، نُسلط الضوء على الحكم الشرعي المتعلّق بصيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، وفضل هذه الأيام المباركة، ومدى وجوب صيامها، مستندين إلى أقوال العلماء والأحاديث النبوية الصحيحة.
مكانة شهر ذي الحجة في الإسلام
شهر ذو الحجة هو أحد الأشهر الحرم، وهو من أعظم شهور السنة الهجرية، إذ يتضمّن مناسك الحج الأكبر، ويشمل أيامًا عظيمة تتجلى فيها رحمة الله ومغفرته لعباده.
لماذا تعظّم الأيام العشر من ذي الحجة؟
خصّ الله تعالى هذه الأيام بفضائل جمّة، ففيها:
- يوم التروية (الثامن).
- يوم عرفة (التاسع).
- يوم النحر (العاشر).
- أيام التشريق (11–13).
وقد أقسم الله تعالى بها في قوله ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ [سورة الفجر: 1–2]، وقال المفسرون إنها ليالي العشر من ذي الحجة.
حكم صيام العشر من ذي الحجة 1446 / 2025
مع قدوم عشر ذي الحجة، يحرص كثير من المسلمين على صيام هذه الأيام المباركة، لكن يُطرح سؤال شرعي مهم: هل يجب صيام العشر من ذي الحجة كاملة؟
الجواب الشرعي: هل الصيام واجب؟
الإجماع بين علماء الإسلام أن صيام عشر ذي الحجة ليس واجبًا بل هو مستحب. بمعنى أن:
- من صامها له أجر عظيم.
- من لم يصمها لا إثم عليه.
وقد ثبت أن النبي ﷺ حث على العمل الصالح فيها، دون أن يأمر بوجوب الصيام.
أدلة الاستحباب
جاء في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ:
“ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيامِ – يعني أيامَ العشرِ– قالوا: يا رسولَ اللهِ، ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ قال: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ، إلا رجلٌ خرج بنفسِه ومالِه، ثم لم يرجعْ من ذلك بشيءٍ”
(رواه البخاري).
وهذا الحديث يدل على أن الأعمال الصالحة في هذه الأيام من أفضل الطاعات، ومن جملتها الصيام، لكن من غير إلزام أو وجوب.
فضل صيام التسع من ذي الحجة
من المهم أن نُلاحظ أن صيام يوم عيد الأضحى (العاشر من ذي الحجة) محرم باتفاق العلماء، إذ ورد النهي الصريح عن صيام يوم العيد، وبالتالي فإن المقصود بالعشر هنا هو:
- التسعة أيام الأولى فقط.
أجر صيام يوم عرفة
أعظم يومٍ في هذه الأيام من حيث الصيام هو يوم عرفة، فقد قال رسول الله ﷺ:
“صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده”
(رواه مسلم).
وهذا يدل على أن من أعظم أيام السنة في الصيام، هو اليوم التاسع من ذي الحجة.
هل يلزم صيامها كلها أم يجوز صيام بعضها فقط؟
يتساءل البعض: هل إن لم أستطع صيام الأيام العشرة كاملة أكون قد أضعت الأجر؟ والجواب:
- الصيام تطوّع وليس فريضة.
- لك أن تصوم ما تستطيع منه.
- أفضلها يوم عرفة، ثم ما تيسر من بقية الأيام.
قال الإمام النووي رحمه الله:
“صيام هذه الأيام مستحب استحبابًا شديدًا”.
مقارنة بين صيام عشر ذي الحجة وصيام رمضان
قد يظن البعض أن صيام عشر ذي الحجة له نفس منزلة رمضان، وهذا غير صحيح، فبين الصيامين فروق، منها:
الصفة | عشر ذي الحجة | رمضان |
---|---|---|
الحكم | سنة مؤكدة | فرض قطعي |
عدد الأيام المسموح بها | 9 فقط | 30 يومًا كاملة |
أفضل يوم للصيام | يوم عرفة | كل الأيام واجبة |
أعمال أخرى بجانب الصيام في عشر ذي الحجة
بالإضافة إلى الصيام، يستحب للمسلم الإكثار من العبادات الأخرى، ومنها:
- التكبير المطلق: يُسن من أول ذي الحجة إلى عصر يوم 13.
- قراءة القرآن: كل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها.
- الصدقة: تتضاعف الأجور في هذه الأيام.
- صلة الرحم: من أفضل الأعمال التي يحبها الله.
- الاستغفار والدعاء: باب التوبة مفتوح.
فتاوى حول صيام عشر ذي الحجة
فيما يلي مجموعة من الفتاوي متعلقة بصيام عشر ذي الحجة:
- ما حكم من فاته صيام العشر كاملة؟
لا حرج عليه، ولا إثم. ومن صام بعضها فله أجر عظيم، ويُسن له أن يُكثر من الطاعات الأخرى. - هل يُستحب صيامها للنساء والرجال على حد سواء؟
نعم، النساء والرجال يُستحب لهم الصيام ما داموا قادرين صحيًا، ولا يمنع ذلك الحائض من ذكر الله والدعاء. - هل يجوز الجمع بين نية قضاء رمضان وصيام العشر؟
نعم، يجوز صيام القضاء في هذه الأيام بنيّة مزدوجة، ويُحتسب لك أجر القضاء وأجر العمل الصالح في العشر.
ختامًا: تعد الأيام العشر من ذي الحجة من أعظم الفرص التي وهبنا الله إياها لنعود إليه بصدق ونجدد توبتنا ونعلي من درجاتنا. فمهما كانت مشاغل الدنيا، فلنخصص وقتًا لهذه الأيام لنفوز برضا الله.
صيامها ليس فرضًا ولكنه باب عظيم للأجر، فاستغل ما تستطيع منه، ولو كان يومًا واحدًا. واجعل يوم عرفة يومًا مختلفًا في نيتك وقلبك وعملك، فلعلها تكون سببًا لمغفرة ذنوبك لعامين كاملين.