هل الاحتفال بعيد الحب حرام؟ – اسلام ويب : رأي الإسلام في عيد الفالنتاين
هل الاحتفال بعيد الحب حرام؟
يحتفل الملايين حول العالم في 14 فبراير من كل عام بما يُعرف بـ عيد الحب أو عيد الفالنتاين، حيث يعبر الأزواج والعشاق عن مشاعرهم من خلال تقديم الهدايا وتبادل العبارات الرومانسية. لكن في المجتمعات الإسلامية، يثار كل عام تساؤل مهم حول الحكم الشرعي لهذا الاحتفال، وما إذا كان يجوز للمسلمين المشاركة فيه أم أنه يعد من البدع المحرمة.
في هذا المقال، سنستعرض رأي العلماء والفتاوى الإسلامية المتعلقة بعيد الحب، مع توضيح الأسباب الدينية التي يستند إليها التحريم أو الجواز.
أصل عيد الحب وتاريخه
ترجع أصول عيد الحب إلى تقاليد رومانية قديمة، حيث كان هناك مهرجان يُعرف باسم “لوبركاليا” يُقام في منتصف فبراير تكريمًا لإله الخصوبة. وفي وقت لاحق، ربطت الكنيسة الكاثوليكية المناسبة باسم القديس فالنتين، الذي يُعتقد أنه أُعدم في 14 فبراير عام 270م بسبب تزويجه للأزواج سرًّا ضد أوامر الحاكم الروماني. وعلى مر العصور، تحول هذا اليوم إلى مناسبة عالمية للتعبير عن الحب والمشاعر الرومانسية.
رأي العلماء في حكم الاحتفال بعيد الحب
1- موقف الإسلام من الأعياد غير الإسلامية
يؤكد العلماء أن الأعياد والمناسبات في الإسلام يجب أن تكون وفق ما ورد في الكتاب والسنة، وأن الاحتفال بالأعياد ذات الأصول غير الإسلامية يعد تشبّهًا بالكفار، وهو أمر محرّم وفقًا لكثير من الفتاوى الصادرة عن المؤسسات الدينية الكبرى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه عنها: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) [المائدة:48]، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد، وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر”. (اقتضاء الصراط المستقيم، 1/207)
وبناءً على ذلك، يرى كثير من العلماء أن المشاركة في عيد الحب يعد من البدع المحرمة، حيث أنه ليس من الأعياد المشروعة للمسلمين مثل عيد الفطر وعيد الأضحى.
2- فتوى إسلام ويب حول عيد الحب
أكد موقع إسلام ويب في فتوى سابقة أن الاحتفال بعيد الحب لا يجوز شرعًا، وذلك لأنه:
- عيد من أعياد غير المسلمين، وهو تشبّه بالكفار.
- يرتبط بمعتقدات وثنية قديمة.
- ليس له أصل في الإسلام، بل هو من البدع المحدثة.
- يؤدي إلى الاختلاط المحرّم ونشر المفاهيم غير الإسلامية بين الشباب.
واستدل العلماء بحديث النبي ﷺ الذي قال فيه: “إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا” (رواه البخاري ومسلم)، وهو ما يؤكد أن للمسلمين أعيادًا خاصة بهم، ولا ينبغي لهم الاحتفال بأعياد الأمم الأخرى.
3- فتوى دار الإفتاء المصرية حول عيد الحب
على الرغم من الفتاوى التي تحرّم الاحتفال بعيد الحب، إلا أن دار الإفتاء المصرية قد أصدرت فتوى أكثر تساهلًا، حيث قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: “لا مانع في الشرع أن يُخصَّص يوم معين للتعبير عن المشاعر الطيبة بين الناس، طالما أنه لا يتعارض مع القيم الإسلامية”.
وأوضح أن مفهوم الحب في الإسلام ليس مقتصرًا على العلاقات العاطفية بين الرجل والمرأة، بل يشمل حب الأهل، الأصدقاء، والأولاد. وأشار إلى أن تسمية يوم معين للتعبير عن المشاعر لا يعدّ تشبهًا بالكفار، طالما أن الاحتفال لا يتضمن أي مخالفات شرعية مثل الاختلاط المحرم أو السلوكيات غير الأخلاقية.
هل الاحتفال بعيد الحب يدخل في التشبه بالكفار؟
يرى بعض العلماء أن المسلم لا يكون متشبهًا بالكفار إلا إذا قصد التقليد بنية التشبه. وبالتالي، فإن الشخص الذي يحتفل بعيد الحب لمجرد تبادل الهدايا أو التعبير عن الحب دون اعتقاد ديني معين قد لا يكون آثمًا وفق هذا الرأي.
لكن بالمقابل، يرى علماء آخرون أن مجرد مشاركة المسلمين في هذه الأعياد تجعلهم يذوبون في ثقافة غير إسلامية، مما يؤدي إلى طمس الهوية الإسلامية بمرور الزمن.
الحب في الإسلام: هل يحتاج إلى يوم محدد؟
الإسلام لا يعارض الحب، بل يشجع عليه، ولكن بضوابط شرعية. فقد كان النبي ﷺ يعبر عن مشاعره لزوجاته، وكان يقول عن السيدة عائشة رضي الله عنها: “إني رزقت حبها” (رواه مسلم)
ولكن، الإسلام لا يحتاج إلى يوم محدد للتعبير عن الحب، لأن المودة والرحمة بين الزوجين والمسلمين بشكل عام ينبغي أن تكون مستمرة طوال العام، وليس فقط في 14 فبراير.
ختاماً
بناءً على ما سبق، فإن الحكم الشرعي للاحتفال بعيد الحب يختلف بناءً على رأي العلماء، حيث يرى البعض أنه حرام قطعًا بسبب أصوله غير الإسلامية وارتباطه بمعتقدات وثنية، بينما يرى آخرون أنه يجوز إذا لم يتضمن مخالفات شرعية.
لكن بشكل عام، الإسلام لا يمنع التعبير عن الحب والمشاعر الطيبة، بل يشجع عليها في الإطار الصحيح. ولذلك، ينبغي على المسلمين الحذر من الانجرار وراء العادات غير الإسلامية، مع التأكيد على أن الحب الحقيقي هو الذي يُعبر عنه بالأفعال وليس بالاحتفال بيوم معين فقط.