حكم صيام النصف من شعبان 2025: هل يجوز صيامه؟ دار الإفتاء تجيب
هل يجوز صيام يوم 15 من شعبان فقط
يحرص المسلمون في جميع أنحاء العالم على معرفة حكم صيام النصف من شعبان، وهل يجوز تخصيص هذا اليوم بالصيام أم لا، خاصةً مع اقتراب هذه الليلة المباركة التي تعتبر من المحطات الروحانية الهامة في السنة الهجرية. فقد وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل ليلة النصف من شعبان، وما فيها من نفحات الرحمة والمغفرة من الله عز وجل. في هذا المقال، سنوضح حكم صيام يوم النصف من شعبان، فضل هذه الليلة، والأعمال المستحبة فيها وفقًا لما ورد عن النبي ﷺ وآراء العلماء.
حكم صيام النصف من شعبان 2025-1446
اختلف العلماء في حكم صيام يوم النصف من شعبان بين من يرى استحبابه ومن يرى عدم اختصاصه بالصيام. وفيما يلي أقوال العلماء حول ذلك:
1. رأي الجمهور حول صيام النصف من شعبان
يرى جمهور الفقهاء أنه لا يوجد دليل شرعي صحيح يثبت استحباب صيام يوم 15 شعبان تحديدًا، إلا أن صيامه جائز لمن اعتاد صيام الأيام البيض (13 و14 و15 من كل شهر هجري)، أو لمن يصوم غالب شهر شعبان كما كان يفعل النبي ﷺ. والدليل على ذلك حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت:
“كان رسول الله ﷺ يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيته استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان” (رواه البخاري ومسلم).
2. حكم تخصيص يوم النصف من شعبان بالصيام
ذكر الإمام ابن باز -رحمه الله- أن تخصيص يوم النصف من شعبان بالصيام وحده ليس له أصل في السنة الصحيحة، لكنه جائز إذا جاء ضمن صيام أيام البيض أو كان من عادة المسلم الصيام في هذا الوقت من العام.
كما قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
“صيام يوم النصف من شعبان وحده لا أصل له، ولا يُسنّ تخصيصه، لكن لو صامه المسلم ضمن صيام أيام البيض أو كعادة صيام الاثنين والخميس، فلا بأس بذلك”.
3. حكم صيام يوم الجمعة إذا وافق النصف من شعبان
ورد في السنة النبوية النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام، إلا في حالات معينة، مثل:
- إذا وافق عادةً للمسلم كمن يصوم يومًا ويفطر يومًا.
- إذا وافق يوم عرفة أو عاشوراء أو النصف من شعبان.
- إذا كان قضاءً لصيام فائت أو نذرًا.
جاء في “المغني” لابن قدامة:
“يُكرَه إفْرادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ، إلا إذا وافَقَ صَوْمًا معتادًا، مثل من يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو من اعتاد صيام أيام البيض”، بناءً على ذلك، إذا وافق يوم النصف من شعبان يوم جمعة، فلا بأس من صيامه ما لم يكن منفردًا دون سبب.
فضل ليلة النصف من شعبان
ليلة النصف من شعبان تُعدّ من الليالي المباركة التي ورد فيها عدد من الأحاديث التي تتحدث عن فضلها، ومنها حديث النبي ﷺ:
“يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن” (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني).
وفي حديث آخر، قال رسول الله ﷺ:
“إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، حتى يطلع الفجر” (رواه الألباني في السلسلة الصحيحة).
تشير هذه الأحاديث إلى أهمية هذه الليلة في طلب المغفرة والتوبة والرجوع إلى الله.
الأعمال المستحبة في ليلة النصف من شعبان
1. الإكثار من الدعاء
من أعظم العبادات التي يستحب الإكثار منها في ليلة النصف من شعبان، الدعاء الصادق والتضرع إلى الله، ومن أفضل الأدعية التي يمكن قولها: “اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وتجاوز عن سيئاتنا، وبارك لنا في أعمارنا وأعمالنا”.
2. قيام الليل
قيام الليل من السنن المؤكدة في جميع الليالي، لكنه مستحب بشكل خاص في الليالي المباركة مثل ليلة النصف من شعبان، حيث قال النبي ﷺ: “أفضل الصلاة بعد الفريضة، صلاة الليل” (رواه مسلم).
3. الاستغفار والتوبة
التوبة والاستغفار من أعظم الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله في هذه الليلة، قال الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ” (البقرة: 222).
4. الإكثار من الصيام
من السنن المستحبة في شهر شعبان الإكثار من الصيام، حيث كان النبي ﷺ يصوم أكثر هذا الشهر، لكنه لم يخصص يوم النصف منه فقط بالصيام.
5. صلة الرحم
من الأعمال العظيمة التي يثاب عليها المسلم في هذه الليلة صلة الأرحام وإصلاح العلاقات مع الآخرين، خاصةً أن الحديث الشريف ذكر أن المغفرة تشمل جميع العباد إلا المشرك والمشاحن.
6. قراءة القرآن
تلاوة القرآن الكريم من أفضل القربات إلى الله في جميع الأوقات، وقراءته في ليلة النصف من شعبان يضاعف الأجر، ويملأ القلب نورًا وطمأنينة.
حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
اختلف العلماء في حكم تخصيص ليلة النصف من شعبان بعبادات معينة مثل إقامة الاحتفالات الجماعية في المساجد، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
“قيام ليلة النصف من شعبان فرديًا مشروع، أما الاجتماع في المساجد على صلاة خاصة لم يشرعها النبي ﷺ ولا الصحابة، فهو من البدع التي لم يرد بها دليل”.
كما قال الإمام الشافعي -رحمه الله-:
“بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليالٍ: ليلة الجمعة، وليلة العيدين، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان”.
وعليه، فإن العبادة في هذه الليلة مستحبة بشرط عدم تخصيص أعمال معينة لم ترد في السنة، وعدم الاعتقاد بأن لها فضلًا ثابتًا خارج ما ورد في الأحاديث الصحيحة.
الخاتمة
تعتبر ليلة النصف من شعبان من الليالي المباركة التي ينبغي أن يستغلها المسلم في التقرب إلى الله من خلال الدعاء، الصلاة، الصيام، والتوبة. أما صيام يوم النصف من شعبان، فهو جائز لكن دون تخصيص، ويكون مستحبًا إذا جاء ضمن أيام البيض أو كان من عادة المسلم الصيام في شعبان. وعلى المسلم أن يحرص على اغتنام هذا الشهر الفضيل بالإكثار من العبادات الصالحة، استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك.
نسأل الله أن يجعلنا من المقبولين في هذه الليلة، وأن يغفر لنا ذنوبنا، ويتقبل أعمالنا، ويجعلنا من الذين تشملهم رحمته ومغفرته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.