القصة الكاملة لليلة الإسراء والمعراج 1446 – 2025.. رحلة النبي إلى السماوات العلى
تُعد ليلة الإسراء والمعراج من أعظم الليالي التي مرت على البشرية، حيث كرم الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم برحلة روحانية وجسدية فريدة. في هذه الرحلة التي وقعت في السابع والعشرين من شهر رجب، أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماوات العلى ليرى من آيات الله الكبرى.
هذه الليلة كانت محطة تاريخية في مسيرة الدعوة الإسلامية، حيث حملت معها العديد من الدروس والعبر، بجانب كونها مناسبة لتكريم النبي صلى الله عليه وسلم بعد عام مليء بالابتلاءات والمحن. في هذا المقال، نروي لكم القصة الكاملة للإسراء والمعراج، مع شرح لمعجزاتها ودروسها الروحية العظيمة.
معنى الإسراء والمعراج
الإسراء هو الرحلة الأرضية التي قام بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، على ظهر دابة تُسمى البراق. أما المعراج فهو الرحلة السماوية التي عُرج فيها بالنبي إلى السماوات السبع حتى سدرة المنتهى.
هذا الحدث ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى:
“سبْحان الّذي أَسْرَى بعبدِه لَيْلًا مِن المسجِدِ الحرامِ إلى المسجِدِ الأقصَى الذي باركْنَا حولَهُ لِنُرِيَهُ من آياتِنا إنّهُ هُوَ السّميعُ البصير” (الإسراء: 1).
تفاصيل رحلة الإسراء
في هذه الليلة المباركة، أرسل الله تعالى سيدنا جبريل عليه السلام إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليصطحبه في رحلة الإسراء. أُتي النبي بدابة تُسمى البراق، وهي مخلوق أبيض طويل بين الحمار والبغل، يضع حافره عند منتهى طرفه.
ركب النبي البراق من مكة حتى وصل إلى بيت المقدس، حيث صلى ركعتين في المسجد الأقصى، وأتاه جبريل بإناءين أحدهما يحتوي على الخمر والآخر على اللبن، فاختار النبي اللبن، فقال له جبريل: “اخترت الفطرة.”
رحلة المعراج إلى السماوات السبع
بعد الصلاة في المسجد الأقصى، بدأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم رحلة المعراج. في هذه الرحلة العلوية، صعد النبي مع جبريل عليه السلام إلى السماوات السبع، حيث التقى بالأنبياء والمرسلين في كل سماء:
- في السماء الأولى، التقى بسيدنا آدم عليه السلام.
- في السماء الثانية، التقى بسيدنا عيسى ويحيى عليهما السلام.
- في السماء الثالثة، التقى بسيدنا يوسف عليه السلام.
- في السماء الرابعة، التقى بسيدنا إدريس عليه السلام.
- في السماء الخامسة، التقى بسيدنا هارون عليه السلام.
- في السماء السادسة، التقى بسيدنا موسى عليه السلام.
- في السماء السابعة، التقى بسيدنا إبراهيم عليه السلام.
رؤية النبي للجنة والنار
خلال رحلة المعراج، أُري النبي محمد صلى الله عليه وسلم الجنة والنار. رأى نعيم أهل الجنة وما أعده الله لهم من خيرات، كما رأى عذاب أهل النار وعقابهم على معاصيهم.
سدرة المنتهى والبيت المعمور
وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى، وهي موضع في السماء السابعة لا يتجاوزه أحد. وصف النبي هذه السدرة في قوله: “إذ يغشى السدرة ما يغشى.” (النجم: 16).
كما وصل النبي إلى البيت المعمور، وهو بيت في السماء السابعة يصلي فيه سبعون ألف ملك يوميًا ولا يعودون إليه مرة أخرى.
فرض الصلاة على المسلمين
في هذه الليلة المباركة، كلّم الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مباشرةً دون وساطة ملك. هنا، فُرضت الصلاة على المسلمين، بدايةً بخمسين صلاة يوميًا، ثم خُففت إلى خمس صلوات مع بقاء أجر الخمسين.
دروس وعبر من الإسراء والمعراج
ليلة الإسراء والمعراج تحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر التي يمكن أن يستلهمها المسلمون في حياتهم اليومية. من خلال هذه المعجزة، أظهر الله سبحانه وتعالى قوته ورحمته بعباده، وعزز مكانة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كخاتم الأنبياء والمرسلين. تُعد هذه الدروس بمثابة توجيه للمسلمين للتعامل مع التحديات والابتلاءات بصبر وإيمان، وتذكير بأهمية الطاعات وأثرها في تقريب العبد إلى ربه.
- الصبر على الابتلاء: هذه الرحلة كانت تكريمًا للنبي صلى الله عليه وسلم بعد عام مليء بالابتلاءات، حيث فقد زوجته السيدة خديجة وعمه أبو طالب.
- أهمية الصلاة: الصلاة التي فُرضت في هذه الليلة تؤكد على مكانتها كركن أساسي في الإسلام.
- وحدة الأمة الإسلامية: الربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى يرمز إلى وحدة الأمة وأهمية القدس في الإسلام.
- قدرة الله المطلقة: هذه الرحلة تؤكد على قدرة الله على كل شيء، فهي معجزة تتجاوز حدود الزمن والمكان.
أهمية إحياء ليلة الإسراء والمعراج
إحياء ليلة الإسراء والمعراج يعكس تقدير المسلمين لهذه الليلة المباركة التي حملت معجزة إلهية خالدة. في هذه الليلة، شهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أحداثًا عظيمة رسخت مكانة الإسلام وأهمية العلاقة بين العبد وربه. استذكار هذه الليلة لا يقتصر على سرد تفاصيلها، بل يشمل أيضًا استلهام الدروس والعبر منها. الإحياء يأتي كفرصة للتقرب إلى الله من خلال الصلاة، الدعاء، والذكر، مما يعزز الإيمان ويغرس القيم الروحية في النفوس.
- الصلاة وقيام الليل: تُعد الصلاة من أهم الأعمال التي يمكن القيام بها في هذه الليلة المباركة.
- قراءة القرآن: تدبر آيات الله يمنح المسلم سكينة وروحانية خاصة في هذه الليلة.
- الدعاء: ليلة الإسراء والمعراج هي فرصة عظيمة لطلب المغفرة والرحمة من الله.
- التأمل في المعجزة: استحضار أحداث هذه الليلة والتفكر في عظمتها يعزز الإيمان.
ختامًا: ليلة الإسراء والمعراج ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي معجزة إلهية تحمل الكثير من الدروس والعبر التي تعزز الإيمان وتقوي الصلة بالله. من خلال هذه الرحلة، أظهر الله سبحانه وتعالى مكانة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأهمية الدعوة الإسلامية.
نسأل الله أن يجعل هذه الليلة فرصة للتقرب إليه والعمل على طاعته، وأن يمنحنا جميعًا القوة والإيمان لنيل رحمته ورضاه.