حقيقة حرق مقام الشيخ أبي عبد الله الخصيبي في حلب: تفاصيل الحادث وتداعياته

حرق مقام الخصيبي

في الأيام الماضية، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو صادمة تظهر ما يُزعم أنه هجوم على مقام الشيخ أبي عبد الله الخصيبي في مدينة حلب، ما أدى إلى حالة من الجدل والغضب بين سكان المناطق العلوية في سوريا. ولكن وزارة الداخلية السورية خرجت لتكشف الحقيقة وراء هذه الأحداث، موضحة أن الفيديو المتداول ليس حديثًا بل يعود لفترة سابقة، وتحديدًا إلى فترة تحرير مدينة حلب من قبضة المعارضة المسلحة. في هذا المقال، سنتناول تفصيلات هذه الحادثة، ونقدم معلومات عن مقام الشيخ الخصيبي وأهمية هذا الحدث في سياق الوضع الراهن في سوريا.

وزارة الداخلية تكشف الحقيقة

أوضحت وزارة الداخلية السورية في بيان رسمي أن مقاطع الفيديو التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي وتظهر حادثة اقتحام مقام الشيخ أبي عبد الله الخصيبي ليست حديثة. حيث أشار البيان إلى أن الفيديو يعود لفترة معركة تحرير مدينة حلب، وتحديدًا عندما كانت هناك عمليات عسكرية في المنطقة. ووفقًا للبيان، فإن الحادثة الأصلية كان قد نفذها أفراد مجهولون في ذلك الوقت، وليس كما تم الترويج له مؤخرًا.

وأكدت الوزارة أن هدف إعادة نشر هذه المقاطع يعود إلى إثارة الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب السوري، خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد، حيث يعاني الجميع من تبعات النزاع المستمر. الوزارة أيضًا شددت على أن الأجهزة الأمنية في سوريا تعمل جاهدًا على حماية الممتلكات والمواقع الدينية من أي اعتداءات.

ردود فعل متباينة وتظاهرات غاضبة

ورغم التوضيح الحكومي، فإن الحادثة أثارت ردود فعل واسعة، حيث خرج عشرات الآلاف من أبناء الطائفة العلوية في مدن حمص، اللاذقية، طرطوس والقرداحة في الساحل السوري في مظاهرات غاضبة. الاحتجاجات كانت على خلفية الهجوم المفترض على مقام الشيخ الخصيبي، وردد المتظاهرون شعارات تطالب بالانتقام لمقتل حراس المقام الذين قيل أنهم قُتلوا خلال الهجوم. كما رفع المتظاهرون شعارات مثل “بالروح بالدم نفديك يا خصيبي”، وهي عبارة تُظهر حجم الغضب والاحتقان الذي يشعر به كثير من أبناء الطائفة العلوية تجاه هذا الهجوم.

تجدر الإشارة إلى أن التظاهرات الغاضبة بدأت بعد إعلان وسائل الإعلام عن “حرق مقام أبي عبد الله الخصيبي” في حلب، ما دفع السلطات السورية إلى فرض حظر تجول ليلي في مدن حمص، بانياس، وجبلة لمواجهة أي تصعيد محتمل. الأمر الذي أثار مزيدًا من القلق لدى السكان المحليين حول مستقبل هذه المواقع الدينية والتهديدات التي قد تتعرض لها.

من هو الشيخ أبي عبد الله الخصيبي؟

الشيخ أبي عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي هو واحد من كبار العلماء المؤسسين للمذهب العلوي في العالم الإسلامي. وُلد في بلدة جنبلاء في عام 260 هـ، وكان شخصية دينية بارزة في عصره. يُعتبر الشيخ الخصيبي من أعظم العلماء والمفكرين في تاريخ الطائفة العلوية، حيث عُرف بكونه راوٍ ومُصنف ديني.

منذ صغره، أظهر الشيخ الخصيبي تفوقًا في حفظ القرآن الكريم، حيث حفظ القرآن وهو في سن الحادية عشرة. كما أنه أتم فريضة الحج في سن العشرين من عمره. يعتبر الشيخ الخصيبي مؤسسًا للعديد من المبادئ الفكرية والدينية التي أسهمت في تطور المذهب العلوي وتشكيل هويته الدينية. توفي الشيخ أبي عبد الله الخصيبي في حلب عام 358 هـ، ويُعرف قبره باسم “الشيخ يبرق” في منطقة حلب.

الحماية الدينية ونداءات للحفاظ على المقدسات

يُعد مقام الشيخ أبي عبد الله الخصيبي أحد أبرز المقامات الدينية في المنطقة، ويعتبر مركزًا هامًا للطائفة العلوية في سوريا. ولأهمية هذا المقام في التاريخ الديني للطائفة، فإن الاعتداء على هذا المكان يمثل انتهاكًا لمقدسات المجتمع العلوي. لذلك، كان رد الفعل على هذا الهجوم سريعًا من قبل العديد من أبناء الطائفة الذين طالبوا باتخاذ إجراءات صارمة لحماية هذه المقدسات.

المجتمع السوري يعاني من الانقسام الطائفي والعرقي منذ سنوات، ومع استمرار الحرب في البلاد، أصبح الحفاظ على المواقع الدينية والمقدسات الطائفية أولوية أساسية لضمان الاستقرار الاجتماعي. لكن الحادث الأخير يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه الأمن السوري في ضمان حماية هذه المواقع، لا سيما في مناطق النزاع.

هل هناك خطط للتهدئة؟

وسط هذا الاحتقان، تواصل السلطات السورية تأكيد التزامها بحماية المواقع الدينية وأماكن العبادة. فقد أشار البيان الصادر عن وزارة الداخلية إلى أن الأجهزة الأمنية تعمل بلا كلل لتأمين حماية المقامات الدينية، محذرة من أن نشر الأخبار المغلوطة عبر الإنترنت قد يساهم في تأجيج الوضع أكثر. وأضافت الوزارة أن الهدف من نشر تلك المقاطع القديمة ليس إلا إثارة الفتنة بين السوريين، خاصة في فترة حساسة يتطلع فيها الجميع إلى إيجاد طريق للسلام والاستقرار.

الخلاصة:

حقيقة حرق مقام الشيخ أبي عبد الله الخصيبي في حلب تبقى غامضة، ولكن الحكومة السورية قد أكدت أن الحادثة المنتشرة هي حادثة قديمة تعود إلى فترة تحرير حلب. رغم ذلك، لم ينجح هذا التوضيح في تهدئة غضب بعض المتظاهرين، الذين يعتبرون هذا الهجوم انتهاكًا لمقدساتهم. في هذا السياق، تواصل الأجهزة الأمنية جهودها لضمان استقرار الوضع وحماية الممتلكات والمواقع الدينية.

من الجدير بالذكر أن القضية لا تزال محل نقاش، وأن التفاصيل المتعلقة بالحادث والأسباب الحقيقية وراء إعادة نشر الفيديو المزعوم لا تزال تتكشف مع مرور الوقت.

روزينا محمد

محررة ثقافية تتمتع بمعرفة واسعة بالفنون والثقافة، لديها شغف بالمسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية، قادرة على كتابة مراجعات ونقد فني دقيق وهادف، لديها خبرة في تحرير محتوى ثقافي متنوع، يتابع أحدث المعارض والمهرجانات الفنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !