مدونة الأسرة الجديدة في المغرب 2025: أبرز التعديلات والمقترحات

تتواصل الجهود في المغرب لإصلاح منظومة القوانين الأسرية، وتحديدًا في ما يتعلق بـ مدونة الأسرة، التي تعد أحد القوانين الأكثر تأثيرًا في الحياة الاجتماعية المغربية. شهدت هذه المدونة العديد من التعديلات والتطورات التي تعكس تغييرات مجتمعية وثقافية كبيرة، ومن المتوقع أن تحمل التعديلات الجديدة في 2025 جوانب متعددة تسهم في تحسين الوضع الاجتماعي للأسرة المغربية، سواء على مستوى حقوق المرأة أو حماية حقوق الأطفال.

تاريخ مدونة الأسرة في المغرب وتطوراتها

تم إصدار مدونة الأسرة لأول مرة في عام 2004 بعد مسار طويل من النقاشات المجتمعية والحقوقية، حيث كان الهدف من إصدارها هو تنظيم العلاقات الأسرية بشكل يتماشى مع تطورات المجتمع المغربي. وقد شكلت هذه المدونة خطوة مهمة نحو حماية حقوق المرأة، وتعزيز مكانتها في إطار الأسرة المغربية. ومع مرور الوقت، ظهرت بعض التحديات التي تتطلب تعديلات قانونية لضمان تطور مستمر في التعامل مع قضايا الأسرة.

التعديلات الجديدة في مدونة الأسرة لعام 2025

أعلن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل المغربي، عن إصلاحات جديدة في مدونة الأسرة، التي ستدخل حيز التنفيذ في 2025. وتهدف هذه التعديلات إلى تجاوز بعض الاختلالات التي ظهرت أثناء التطبيق القضائي للمدونة، بالإضافة إلى مواءمتها مع تطور المجتمع المغربي، ومتطلبات التنمية المستدامة. وتشتمل التعديلات الجديدة على عدة جوانب هامة مثل الزواج، الطلاق، الحضانة، والإرث.

التعديلات الخاصة بالزواج

من أبرز التعديلات في مدونة الأسرة الجديدة هو إمكانية توثيق الخطبة بشكل رسمي، بالإضافة إلى اعتماد عقد الزواج فقط لإثبات الزوجية كقاعدة، مع تحديد الحالات الاستثنائية التي يُعتمد فيها سماع دعوى الزوجية. كما ستتم مراجعة الإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة لتوثيق عقد الزواج، مما سيسهم في تسهيل الإجراءات القانونية المرتبطة بالزواج.

وفيما يخص الزواج بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، سيتم تحديد إمكانية عقد الزواج دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك، وهو ما سيعزز مرونة الإجراءات في حالات المغتربين.

التعديلات المتعلقة بالطلاق

كما تم إدخال تعديلات هامة في ما يتعلق بـ الطلاق، حيث سيصبح الطلاق الاتفاقي بين الزوجين ممكنًا بدون الحاجة إلى المرور بالإجراءات القضائية المعقدة. وعلاوة على ذلك، سيتعين على الزوجين التوافق على شروط الطلاق بشكل مباشر، مما يقلل من اللجوء إلى المحاكم في هذا الشأن.

أما في حالات الطلاق للشقاق، فإنها ستشمل معظم حالات الطلاق، وهو ما يساعد على تسريع الإجراءات وتوحيد أنواع الطلاق. وقد تم تحديد أجل أقصى للبت في دعاوى الطلاق لا يتجاوز ستة أشهر، ما يضمن تسريع النظر في هذه القضايا التي تمس الحياة الشخصية للأفراد.

الحضانة والنفقة

أحد التعديلات المهمة التي تتعلق بحماية الأطفال هي اعتبار الحضانة حقًا مشتركًا بين الزوجين أثناء العلاقة الزوجية. كما أن حضانة الأم المطلقة ستظل قائمة حتى بعد زواجها مجددًا، وهو تعديل يسعى إلى ضمان الاستقرار النفسي للأطفال ويمنحهم حقوقًا أفضل في ظل ظروف الطلاق.

أما فيما يخص النفقة، فقد تم وضع معايير مرجعية تهدف إلى تحديد مقدار النفقة بشكل أكثر دقة، مع توفير آليات قانونية لإجراء عملية تنفيذ الأحكام بشكل أسرع، وبالتالي تيسير عملية العدالة في قضايا النفقة.

مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة

كما تضمن الإصلاحات الجديدة مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، التي قامت بإجراء استشارات موسعة مع كافة الجهات المعنية من أجل إدخال هذه التعديلات. وقد أشار وزير العدل إلى أن الهدف من هذه المراجعة هو ضمان التوازن الأسري وتعزيز مساواة المرأة مع الرجل في الحقوق والواجبات. ومن أبرز المقترحات العامة التي تم التأكيد عليها:

  1. تعزيز مكانة المرأة وحمايتها داخل الأسرة.
  2. إقرار قوانين تضمن حقوق الأطفال في جميع مراحل حياتهم، خاصة في حالات الطلاق.
  3. تسهيل الولوج إلى القضاء الأسري من خلال إحداث “شباك موحد” في المحاكم.
  4. توفير الموارد البشرية المؤهلة للتعامل مع قضايا الأسرة، بما في ذلك القضاة المتخصصين.

رؤية الحكومة المغربية

من خلال التعديلات المقترحة، تسعى الحكومة المغربية إلى تحقيق العدالة والمساواة بين أفراد الأسرة، مع الحفاظ على كرامة الرجل والمرأة في إطار قانوني ينظم العلاقات الأسرية بشكل متوازن. كما أشار عبد اللطيف وهبي إلى أن الملك محمد السادس قد وجه تعليمات واضحة بضرورة استمرار الإصلاح وفق منهجية ثابتة، لضمان استمرار مسار التجديد والتطوير في قوانين الأسرة.

وقد شدد على أن المراجعة الجديدة للمدونة تأتي ضمن إطار سياسي وديني متوازن، يتسم بالاعتدال والمرونة، ويأخذ بعين الاعتبار المستجدات الاجتماعية والتطورات المجتمعية.

التوقعات المستقبلية بعد الإصلاحات

من المتوقع أن تساهم التعديلات الجديدة في تحسين وضع المرأة في المجتمع المغربي وتعزيز حقوق الأطفال، بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة. كما أن المراجعات المستمرة ستمكن من مواكبة التطورات القانونية والتشريعية على الصعيدين الوطني والدولي، ما يجعل المغرب في طليعة الدول التي تسعى إلى تحسين وضع الأسرة وتوفير إطار قانوني يحفظ حقوق جميع أفرادها.

الخاتمة

إن الإصلاحات في مدونة الأسرة التي أعلنت عنها الحكومة المغربية لعام 2025 تمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق العدالة والمساواة في العلاقات الأسرية. من خلال تفعيل القوانين التي تتعلق بالزواج، الطلاق، الحضانة والنفقة، يتوقع أن تحظى الأسرة المغربية بتشريعات أكثر توافقًا مع التطورات المجتمعية والحقوقية. مع استمرار الإصلاحات، يظل تعزيز مكانة المرأة وحماية حقوق الأطفال أحد الأهداف الرئيسية لهذه المراجعة العميقة، مما يضمن مستقبلًا أفضل للأسر المغربية.


روزينا محمد

محررة ثقافية تتمتع بمعرفة واسعة بالفنون والثقافة، لديها شغف بالمسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية، قادرة على كتابة مراجعات ونقد فني دقيق وهادف، لديها خبرة في تحرير محتوى ثقافي متنوع، يتابع أحدث المعارض والمهرجانات الفنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !