أسامة عثمان (قيصر): الوجه الحقيقي وراء كشف جرائم النظام السوري

أسامة عثمان قيصر

في خطوة تعدّ تحولًا في مسار العدالة والمحاسبة عن الجرائم التي ارتُكبت في سوريا، كشف أسامة عثمان، المعروف سابقًا باسمه المستعار “سامي”، عن هويته الحقيقية بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد. أسامة عثمان هو أحد الشخصيات المحورية في كشف حجم الفظائع التي ارتكبها النظام السوري بحق المعتقلين، حيث عمل مع زميله الذي عُرف بـ”قيصر سوريا” لتهريب عشرات الآلاف من الصور المروعة التي توثق عمليات التعذيب والموت في السجون السورية.

أسامة عثمان: الشاهد التوأم مع قيصر

تحدث أسامة عثمان في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط لأول مرة باسمه الحقيقي وصورته، بعد سنوات من العمل السري الذي كان محفوفًا بالمخاطر. أسامة، الذي يرأس اليوم مجلس إدارة منظمة “ملفات قيصر للعدالة”، هو مهندس مدني من ريف دمشق. عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، وجد نفسه في خضم الأحداث في منطقة كانت تخضع لسيطرة فصائل المعارضة المنضوية تحت ما عُرف بـ”الجيش الحر”.

على الجانب الآخر، كان “قيصر”، وهو مصور عسكري، يعمل في مناطق سيطرة النظام السوري. وظيفته لم تكن تقليدية، فقد كانت مهمته توثيق الوفيات في أقسام الأجهزة الأمنية السورية. الصور التي التقطها أظهرت مشاهد مروعة: جثث بلا رؤوس، أجساد مشوهة، ضحايا بلا عيون، وأجساد تحمل علامات التعذيب الشديد والتضور جوعًا. بعض الجثث كانت لأطفال ونساء ورجال عراة، تحمل أرقامًا تسلسلية بدلًا من أسمائهم.

بداية التعاون بين أسامة عثمان وقيصر

في مايو/أيار 2011، دفعتهما بشاعة الجرائم إلى التعاون معًا لتوثيق ما يحدث داخل المعتقلات السورية. كان قيصر يهرب الصور عبر محرك أقراص محمول (USB) ويسلمها لأسامة عثمان الذي كان يقيم في مناطق المعارضة. على الرغم من المخاطر الكبيرة التي تعرضا لها، تمكن الاثنان من تهريب عشرات الآلاف من الصور التي وثقت الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري.

الصور التي هزت ضمير العالم

ظهرت الصور للمرة الأولى عام 2014، وأثارت ضجة عالمية. أظهرت الصور للعالم وحشية النظام السوري ومدى الانتهاكات التي كانت تُمارس داخل السجون. دفعت هذه الأدلة المجتمع الدولي إلى التحرك، حيث تم استخدام الصور في محاكم غربية لإدانة ضباط ومسؤولين في النظام السوري بتهم التعذيب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

كما ساهمت الصور في إصدار الولايات المتحدة الأمريكية “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا” الذي بدأ تطبيقه في 17 يونيو/حزيران 2020. فرض القانون عقوبات صارمة على النظام السوري، بما في ذلك تجميد أصول شخصيات بارزة مثل بشار الأسد وعقيلته أسماء الأسد، ومنع التعامل مع المؤسسات المرتبطة بالنظام.

سامي: تحديات العمل في الظل

في حديثه مع الشرق الأوسط، قال أسامة عثمان: “حتى أطفالي لم يكونوا يعرفون أنهم أبناء هذا الرجل الذي يحمل الكود السري (سامي)… كنت أحاول حمايتهم من العيش في خوف دائم”.

وكشف أسامة عن التحديات النفسية التي واجهها أثناء عمله، حيث كان عليه أن يشاهد آلاف الصور المروعة أثناء ترتيبها وأرشفتها. وأضاف أن ابنه الصغير شاهده مرة بالصدفة وهو يطالع إحدى الصور على الكمبيوتر وسأله ببراءة: “لماذا ينام هؤلاء الناس بلا ملابس؟”.

أهمية الكشف عن هويته الآن

وعن سبب كشف هويته في هذا الوقت، أوضح أسامة أن سقوط النظام السوري وتحرير البلاد كانا دافعين رئيسيين للإفصاح عن شخصيته الحقيقية. قال: “اليوم نحن في وضع آخر تمامًا. نحن في سوريا جديدة. أحببت أن يعرف السوريون ما الذي جرى وأتوجه لهم أيضًا وللسلطات القائمة في دمشق بما نتمنى أن يكون عليه الحال في ما يخص القضايا الحقوقية المتعلقة بتوثيق وأرشفة البيانات والأدلة التي ستقودنا إلى مرحلة من المحاسبة والعدالة الانتقالية لتحقيق الاستقرار في المجتمع السوري”.

كما شدد أسامة على أهمية محاسبة مرتكبي الجرائم، قائلًا: “إن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم. العدالة الانتقالية هي السبيل الوحيد لبناء سوريا الحرة”.

تفاصيل عن الصور والمشاهد المروعة

تضمنت الصور التي تم تهريبها مشاهد لموت ما لا يقل عن 70 شخصًا يوميًا في بعض الأيام، وفقًا لقيصر وسامي. وأظهرت الصور مشاهد تعذيب مروعة، منها:

  • جثث بلا رأس أو بلا أطراف.
  • آثار تعذيب بالكهرباء والحروق.
  • ضحايا تظهر عليهم علامات التجويع والمرض.
  • جثث مكدسة بأرقام تسلسلية.

التأثير الدولي لقانون قيصر

لعب قانون قيصر دورًا محوريًا في فرض عزلة دولية على النظام السوري. حيث استخدمت الولايات المتحدة القانون كوسيلة ضغط سياسي واقتصادي، بينما استفادت المنظمات الحقوقية من الأدلة لرفع دعاوى قضائية في محاكم غربية.

دعوة لتحقيق العدالة

دعا أسامة عثمان السلطات الجديدة في سوريا إلى العمل الجاد لتحقيق العدالة والمحاسبة. وأكد على ضرورة الكشف عن مصير المعتقلين وضمان عدم إفلات المسؤولين عن الجرائم من العقاب.

وقال: “إن المسؤولية الكاملة عن تلف الأدلة وضياع حقوق المعتقلين تقع على عاتق مسؤولي النظام السابق. يجب أن تكون هناك خطوات عاجلة وشفافة للحفاظ على الوثائق والأدلة التي تكشف عن الجرائم المرتكبة”.

ختام: أبطال مجهولون

أشار أسامة إلى أن ما حققه هو وقيصر لم يكن ليتحقق دون جهود فريق كبير من الأبطال المجهولين. وقال: “أنا لست الوحيد. كان هناك الكثير من الأشخاص الذين خاطروا بحياتهم لتحقيق هذا الهدف. اليوم، نحن نعاهد الشعب السوري على الاستمرار في الدفاع عن حقوقه وكرامته”.

في نهاية المطاف، يبقى عمل أسامة عثمان وقيصر مثالًا بارزًا على نضال الأفراد من أجل تحقيق العدالة وكشف الحقيقة، وهو درس للعالم بأسره عن أهمية الوثائق والأدلة في مواجهة الظلم والقمع.

راما

صحفية متمرسة تتمتع بمهارات كتابة قوية وذوق أدبي رفيع، لديها القدرة على صياغة الأخبار والتقارير والمقالات بطريقة شيقة وجذابة، تجيد إجراء المقابلات واستخلاص المعلومات من مختلف المصادر، يمتلك مهارات بحثية ممتازة، وقادرة على ابتكار أفكار جديدة للمحتوى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !