قصة عبد الوهاب دعدوش: من الطالب المفقود إلى الناجي من جحيم سجون الأسد
في قصة مؤلمة تعكس معاناة عشرات الآلاف من السوريين الذين تعرضوا للاعتقال والتعذيب في سجون النظام السوري، يظهر الشاب عبد الوهاب دعدوش كرمز للضياع والأمل في آن واحد. عبد الوهاب الذي فقد 13 عامًا من عمره داخل سجن صيدنايا سيئ السمعة، عاد إلى أحضان أسرته فاقدًا للذاكرة، ما يسلط الضوء على حجم الانتهاكات التي تعرض لها في معتقلات النظام السوري.
من هو عبد الوهاب دعدوش؟
عبد الوهاب دعدوش هو شاب من بلدة كفرنبل التابعة لمحافظة إدلب، كان في العشرين من عمره عندما غادر منزل أسرته في عام 2011 متوجهاً إلى حماة لتقديم امتحاناته في كلية الطب البشري. لم يكن يعرف أنه سيغيب عن عائلته 13 عامًا، ولم يكن أحد يتوقع أن تطول هذه الغيبة بسبب أحداث الثورة السورية التي اندلعت في نفس العام.
رحلة المعاناة
ما كان يبدو كرحلة عادية لشاب طموح يسعى لتحقيق حلمه بأن يصبح طبيبًا، تحول إلى مأساة طويلة. بعد مغادرته المنزل، اختفى عبد الوهاب دون أي أثر. بدأت عائلته بالبحث عنه في كل مكان، لكن لم يكن هناك أي معلومات حول مكانه. ومع مرور الوقت، بدأت الأم تتجرع مرارة الفقدان، وأصيبت بالعمى من شدة الحزن بعد أن قضت سنوات تنتظر عودة ابنها.
الاختفاء والاعتقال
في ظل الظروف العصيبة التي شهدتها سوريا في تلك الفترة، لا شك أن عبد الوهاب كان أحد ضحايا الاعتقالات العشوائية التي نفذها النظام السوري ضد المواطنين الذين شاركوا في الثورة أو حتى من كانوا يشتبه فيهم. من المحتمل أن عبد الوهاب تم اعتقاله بسبب محض الاشتباه في نشاطاته السياسية أو بسبب ارتباطه بالثوار، ليُلقى به في أحد سجون النظام المظلمة.
سجن صيدنايا والتعذيب
عبد الوهاب دعدوش قضى سنواته الـ13 في سجن صيدنايا، الذي يعتبر من أسوأ السجون في سوريا، حيث تعرض للتعذيب الوحشي. بعد سنوات من الألم والحرمان، خرج عبد الوهاب في حالة صحية ونفسية سيئة. ما كان من عائلته إلا أن صدموا برؤيته فاقدًا للذاكرة، غير قادر على التعرف على نفسه أو على من حوله. رغم أن جسده كان أمامهم، إلا أن روحه وعقله كانا قد ضاعا بفعل التعذيب والظروف القاسية التي مر بها.
الصدمة واللقاء بعد 13 عامًا
بعد 13 عامًا من الغياب، عاد عبد الوهاب إلى أسرته، لكن اللقاء لم يكن كما كان يحلم به أهله. الأم التي كانت تلمس جدران المنزل بحثًا عن ابنها، لم تتمكن من التعرف عليه. وجهه كان غريبًا عليها، شاحبًا ومتعبًا، ونظراته كانت فارغة، ما جعل اللقاء يحمل في طياته صدمة قاسية. فحتى اسمه لم يعد يعرفه، وكان فقدان ذاكرته أحد أبرز آثار التعذيب الذي تعرض له طوال تلك السنوات.
العودة إلى الواقع والآمال المفقودة
عبد الوهاب، الشاب الذي كان يحمل حلمه بأن يصبح طبيبًا لعلاج الناس وتخفيف آلامهم، عاد إلى الحياة ولكن بحالة لا تُحسد عليها. رغم أنه نجح في البقاء على قيد الحياة بعد ما مر به من تعذيب، إلا أنه فقد جزءًا كبيرًا من نفسه، وتُركت أحلامه محطمة. تذكرت العائلة الشاب الذي غادر في عام 2011، ولكن لم يكن في مقدورهم استعادة الزمن الضائع أو إعادة الروح التي كانت شابة مليئة بالأمل والطموحات.
دور عبد الوهاب دعدوش كشاهد على الانتهاكات:
يُعد عبد الوهاب دعدوش من بين الشهادات المؤلمة التي تروي قصص المعتقلين السوريين في سجون الأسد. قصته تضاف إلى سلسلة طويلة من القصص التي تكشف عن حجم الانتهاكات التي مارسها النظام السوري بحق شعبه. وبالرغم من كل ما عانى منه، يبقى عبد الوهاب رمزًا للبقاء والصمود، وشاهدًا حيًا على الممارسات الوحشية التي ارتكبها النظام السوري.
خاتمة:
قصة عبد الوهاب دعدوش هي واحدة من قصص عديدة تكشف عن معاناة السوريين الذين تعرضوا للاعتقال والتعذيب على يد النظام. وعلى الرغم من أن عبد الوهاب نجا من جحيم السجون، إلا أن فقدانه للذاكرة وروحه التي تأثرت بشدة، تُظهر أن التضحيات التي قدمها الشعب السوري لم تذهب سدى. ستظل هذه القصص تحكي عن الألم الذي يعانيه الشعب السوري، وتبقى شهادات هؤلاء الناجين جزءًا من تاريخ سوريا المأساوي الذي يجب أن لا يُنسى.