تفاصيل وقصة انتحار المعلم فاضل الجلولي بسبب تنمر التلاميذ في تونس
في حادثة مأساوية هزت المجتمع التونسي، توفي الأستاذ فاضل الجلولي، مدرس مادة التربية الإسلامية في المدرسة الإعدادية “ابن شرف” بمنطقة الشابة في ولاية المهدية، متأثرًا بإصابته بحروق بالغة بعدما أقدم على إضرام النار في نفسه. وفاته جاءت نتيجة حملة تنمر قاسية تعرض لها من طلاب المدرسة، أثرت بشكل كبير على حالته النفسية وجعلته في حالة من اليأس، انتهت بهذا التصرف المأساوي. هذه الحادثة تثير العديد من الأسئلة حول العنف المدرسي والتنمر، وكيفية تأثير هذه الظواهر على حياة المعلمين في تونس، وهو ما دفع الكثيرين للتساؤل عن تفاصيل انتحار المعلم فاضل الجلولي، وما الذي دفعه إلى اتخاذ هذا القرار المأساوي.
من هو المعلم فاضل الجلولي؟
فاضل الجلولي كان أستاذًا تونسيًا لمادة التربية الإسلامية في المدرسة الإعدادية “ابن شرف” الواقعة في منطقة الشابة، التابعة لولاية المهدية شرقي تونس. يبلغ فاضل الجلولي من العمر 50 عامًا، وهو شخصية معروفة في القطاع التعليمي التونسي. لقد كان يُعتبر واحدًا من المعلمين المخلصين الذين يهتمون بتربية وتعليم طلابهم، ويمارسون دورًا تربويًا هامًا في مجتمعهم المحلي. ولكن على الرغم من سعيه الجاد في تعليم طلابه، تعرض فاضل الجلولي لحملة تنمر عنيفة أثرت على حياته الشخصية والمهنية.
حملة التنمر ضد فاضل الجلولي .. انتحار المعلم فاضل الجلولي
بدأت القصة عندما تعرض فاضل الجلولي لحملة تنمر من قبل بعض من تلاميذه، حيث قاموا بنشر صور وفيديوهات له على وسائل التواصل الاجتماعي، تهدف إلى السخرية منه وتشويه صورته. وقد تضمنت هذه الحملة أسلوبًا مهينًا يهدف إلى الاستفزاز والضغط النفسي عليه. كانت الفيديوهات والتعليقات السلبية تُنشر في مجموعات خاصة بالطلاب، حيث يتم تداول مقاطع له وهو يتعامل مع استفزازات طلابه داخل الفصل، وأحيانًا يظهر في مواقف محبطة أو يعبر عن مشاعر الضغط النفسي التي كان يعاني منها نتيجة تلك التصرفات غير المسؤولة.
لقد كان التنمر ضد الجلولي يتجاوز حدوده داخل أسوار المدرسة، إذ تعرض له أيضًا غرباء كانوا يشاركون في الهجوم عليه على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن المفارقة الأكبر كانت في أن هذه التصرفات المسيئة لم تجد أي تدخل فوري من إدارة المدرسة، التي كانت ترى أو تتجاهل ما كان يحدث من مضايقات علنية لمدرسهم.
أسباب وفاة فاضل الجلولي: التنمر والإحباط النفسي
بعد أن طالته هذه الحملة السلبية لفترة طويلة، بدأت الحالة النفسية للأستاذ فاضل الجلولي في التدهور بشكل ملحوظ. أصبح يواجه مشاعر الانعزال والإحباط، وكان يواجه صعوبة في التعامل مع هذا الكم الهائل من التنمر النفسي. رغم أنه لم يتحدث علنًا عن معاناته داخل المدرسة أو مع زملائه، إلا أن التقديرات تشير إلى أن الشعور باليأس والعزلة كان لهما دور كبير في تدهور حالته النفسية.
في اليوم الذي أقدم فيه على الانتحار، كان فاضل الجلولي في منزله بمدينة الشابة، حيث أضرم النار في نفسه في لحظة من اليأس الشديد. تم نقله على الفور إلى مستشفى الحروق في بن عروس، حيث خضع للعلاج المكثف بسبب الإصابات البالغة التي تعرض لها. لكن بعد أيام من معاناته، توفي الأستاذ فاضل الجلولي متأثرًا بحروقه الشديدة، ليغادر هذا العالم بطريقة مأساوية.
ردود الفعل على الحادثة
حالة الوفاة المأساوية للأستاذ فاضل الجلولي أثارت غضبًا شديدًا في الأوساط التربوية والاجتماعية في تونس. تم تنظيم إضراب عام في جميع المؤسسات التربوية في معتمدية الشابة يوم الخميس الذي تلا وفاة الجلولي، وذلك تضامنًا مع الأستاذ الراحل وللمطالبة بإنهاء ظاهرة التنمر في المدارس. وقد عبر المعلمون في مختلف أنحاء تونس عن استيائهم الكبير من الوضع الذي آل إليه القطاع التعليمي، مؤكدين على التجاهل المستمر لمشاكل العنف المدرسي والتنمر من قبل الجهات المختصة.
كما وجهت نقابة التعليم الثانوي انتقادات شديدة لعدم اتخاذ إدارة المدرسة أي إجراءات ملموسة لوقف التنمر ضد الجلولي. وأكد كاتب عام نقابة التعليم الثانوي في المهدية، عمر نصر، أن الإدارة كان يجب أن تتحرك فورًا بعد أن تم تنبيهها إلى ما يحدث، لكن هذا لم يحدث. وأشار إلى أن التنمر لم يقتصر فقط على الطلاب داخل المدرسة، بل امتد إلى أشخاص من خارج المدرسة قاموا أيضًا بالمشاركة في الهجوم على الجلولي.
دعوات لفتح تحقيق شامل
بعد هذه الحادثة المأساوية، دعت نقابة التعليم الثانوي إلى فتح تحقيق شامل حول الحادثة ومحاسبة المسؤولين عن التنمر الذي تعرض له فاضل الجلولي. وطالب النقابيون بضرورة ملاحقة المسؤولين عن هذه الحملة، سواء كانوا من الطلاب أو الأشخاص الخارجيين الذين شاركوا في التنمر. كما طالبوا وزارة التربية بتفعيل دورها في مكافحة التنمر وضمان بيئة تعليمية آمنة وصحية للمعلمين والطلاب على حد سواء.
التنمر المدرسي في تونس: ظاهرة مقلقة
هذه الحادثة ليست الوحيدة في تونس، حيث شهدت السنوات الأخيرة زيادة في حالات التنمر المدرسي. وفقًا ل الإحصاءات الرسمية، تم رصد 2231 قضية تتعلق بالعنف المدرسي في تونس في سنة 2023 فقط. ورغم هذه الأرقام المقلقة، لا تزال الجهات المسؤولة تواجه صعوبة في إيجاد حلول فعالة لهذه الظاهرة التي تضر بالطلاب والمعلمين على حد سواء.
إن حادثة وفاة فاضل الجلولي تضع التنمر المدرسي في دائرة الضوء مرة أخرى، ويجب على الجميع بدءًا من المدارس إلى الوزارات المختصة اتخاذ إجراءات فورية لمكافحة هذه الظاهرة والحفاظ على صحة المعلمين والطلاب النفسية والجسدية.
خاتمة
إن وفاة الأستاذ فاضل الجلولي تمثل خسارة فادحة للقطاع التعليمي في تونس، وتؤكد على ضرورة التصدي لظاهرة التنمر بشكل حاسم. يجب أن تكون هذه الحادثة بمثابة جرس إنذار لجميع الجهات المعنية بقطاع التعليم في تونس لتحسين بيئة العمل التعليمية وضمان سلامة المعلمين والطلاب النفسية والجسدية. ومن خلال هذه الحادثة، يمكن أن يتعلم الجميع أهمية الاحترام المتبادل وضرورة مكافحة التنمر بكافة أشكاله.