رحلة ميلاد النشيد الوطني السعودي: من الفكرة إلى النشيد
في هذا المقال، نروي رحلة ميلاد النشيد الوطني السعودي، مستعرضين كيف تحول من فكرة إلى نشيد يُجسد فخر الوطن ويعزز روح الانتماء. حيث يعتبر النشيد الوطني رمزًا عظيمًا لكل بلد، يعكس قيمه وتاريخ شعبه. في المملكة العربية السعودية، نشيد “سارعي للمجد والعلياء” هو تجسيد للأمل والفخر الوطني. لكن كيف نشأ هذا النشيد ومن أين جاء سنتناول المراحل المختلفة التي مر بها النشيد الوطني، ونلقي الضوء على الكلمات التي جعلته جزءاً من الهوية الوطنية السعودية.
رحلة ميلاد النشيد الوطني السعودي
بدأت فكرة إنشاء نشيد وطني للمملكة العربية السعودية خلال زيارة رسمية قام بها الملك خالد بن عبد العزيز إلى جمهورية مصر العربية. أثناء هذه الزيارة، أعجب الملك خالد بالنشيد الوطني المصري، وأبدى رغبة في أن يكون للمملكة نشيد وطني يرافق السلام الملكي. بناءً على هذه الرغبة، كلف وزير الإعلام السعودي، الدكتور محمد عبده يماني، كبار الشعراء في المملكة بكتابة نص النشيد.
الأمير عبد الله الفيصل، الذي كان له دور كبير في هذا المجال، اقترح الشاعر إبراهيم خفاجي لكتابة النشيد الوطني. بينما كان خفاجي في القاهرة، بحث السفير السعودي عن عنوانه وطلب منه إعداد نص النشيد. على الرغم من تأخر تنفيذ الفكرة بسبب وفاة الملك خالد، استمرت المحاولات حتى عهد الملك فهد بن عبد العزيز، الذي أصر على أن يكون النشيد خالياً من ذكر الملك وألا يتجاوز حدود الدين والعادات.
بعد ستة أشهر من العمل، سلم خفاجي النص للموسيقار سراج عمر العمودي الذي قام بتلحين النشيد وتوزيعه على موسيقى السلام الملكي. في عيد الفطر المبارك عام 1404هـ (1984م)، تم بث النشيد الوطني لأول مرة، حيث سمعه الشعب السعودي والعالم عبر إذاعة وتلفزيون المملكة.
مراحل تطور النشيد الوطني السعودي
مر النشيد الوطني السعودي بعدة مراحل تطور، حيث تغيرت كلماته مع مرور الزمن:
- عهد الملك عبد العزيز: كتب الشاعر محمد طلعت كلمات النشيد التي تقول:”يعيش ملكنا الحبيب
أرواحنا فداه حامي الحرم
هيا اهتفوا عاش الملك
هيا ارفعوا راية الوطن
اهتفوا ورددوا النشيد
يعيش الملك” - عهد الملك سعود بن عبد العزيز: تغيرت كلمات النشيد لتصبح:”العُلَى لِمَن؟ يابَني الوَطَن
تَوءَا خُلودْ نحنُ والزَّمنْ
سائِلوا الجُدودْ سائِلوا الحِقَبْ
يَهتُفوا سُعودْ عاهِلَ العَرَبْ
لِصاحِبِ الجَلاَلةِ العَظِيمْ لِقائدِ العُروبَةِ الحَكيمْ
أَرْوَاحُنَا فِدى، شِعارُنا الهُدى،
السِّلمِ في الرِّدى، لِلتَّاجِ لِلْوَطن
كَوكَبٌ في السَماءْ عرشُه من إِباءْ
تاجُه دُرَّةُ الأوْفياء مَجْدُهُ شُعْلَةٌ من ضِيَاءْ
عاشَ المَلِكْ، عاشَ الوَطَنْ
شبابُنا الهُمامُ يَقْتَدي بِرائِدِ الجِهادِ يَهْتَدي
سُعودِةِ الأبْي، وجيشِ يَعْرُبِ
يَحوطُهُ النبَّيْ يُبَارِكُ الوَطَنْ
عاشَ المَلِكْ، عاشَ الوَطَنْ” - عهد الملك فهد بن عبد العزيز: كتب الشاعر إبراهيم خفاجي كلمات النشيد الحالية:”سَارِعِي لِلْمَجْدِ وَالْعَلْيَاء
مَجِّدِي لِخَالِقِ السَّمَاء
وَارْفَعِ الخَفَّاقَ أَخْضَرْ
يَحْمِلُ النُّورَ الْمُسَطَّرْ
رَدّدِي اللهُ أكْبَر
يَا مَوْطِنِي
مَوْطِنِي عِشْتَ فَخْرَ الْمُسلِمِين
عَاشَ الْمَلِكْ: لِلْعَلَمْ وَالْوَطَنْ”
ختامًا: لقد تطور النشيد الوطني السعودي ليصبح رمزًا للفخر والانتماء في المملكة. من بداية فكرة النشيد إلى كلمات إبراهيم خفاجي التي أصبحت جزءًا من الهوية الوطنية، يعكس النشيد الوطني رحلة وطنية مليئة بالاعتزاز والتقدير. إن النشيد لا يمثل مجرد ألحان وكلمات، بل هو تجسيد لروح المملكة وتاريخها العريق.