من هي ميسر العيساوي؟ قصة الأردنية المختطفة في سوريا منذ الثمانينات

تعد قضية ميسر العيساوي واحدة من أبرز القصص الإنسانية المليئة بالغموض والألم، التي تعرضت لها أسرة أردنية على مدار أكثر من ثلاثة عقود. فميسر العيساوي، المعلمة الأردنية التي اختفت عن الأنظار في سوريا منذ عام 1985، تعدّ رمزًا للمعاناة التي يعيشها العديد من العائلات العربية جراء الاعتقالات التعسفية والانتهاكات الحقوقية التي تشهدها بعض الدول. رغم مرور سنوات طويلة على اختفائها، لم تتوقف أسرتها عن المطالبة بكشف مصيرها، سواء كانت على قيد الحياة أو توفيت في سجون النظام السوري.

كان اختفاء ميسر بمثابة حلقة مظلمة في تاريخ أسرتها، التي تأمل منذ ذلك الحين في العثور على إجابة لتساؤلاتها المستمرة حول مصير أحد أفرادها. في هذا المقال، سنتناول قصة ميسر العيساوي المفقودة، مع تسليط الضوء على تفاصيل الحادثة، ودور المجتمع الدولي في محاولة مساعدتها، بالإضافة إلى التأثيرات الإنسانية التي خلفتها هذه القضية.

من هي ميسر العيساوي؟

ميسر جميل العيساوي هي معلمة أردنية ولدت في عام 1958 في مدينة عمان، الأردن. كانت العيساوي تعمل معلمة لغة إنجليزية وتتمتع بسمعة طيبة بين محيطها الاجتماعي والمهني. ومن المعروف أنها كانت ذات شخصية هادئة ومحترمة، تحظى بحب وتقدير جميع من حولها. حازت على احترام الطلاب وزملاء العمل بفضل مهاراتها التدريسية واهتمامها الكبير بتطوير تعليم الأطفال والشباب.

ولكن حياة ميسر العيساوي تأثرت بشكل كبير في العام 1985، عندما اختفت بشكل مفاجئ في سوريا أثناء زيارتها للبلاد. هذا الاختفاء المأساوي كان بداية لرحلة مليئة بالغموض والمعاناة لعائلتها، خاصة أنها كانت واحدة من آلاف القصص التي شهدت مصيرًا غامضًا بسبب الاعتقالات التعسفية والانتهاكات الحقوقية التي تعرض لها العديد من المواطنين العرب في الدول المجاورة.

في ذلك العام، كانت ميسر في رحلة إلى دمشق، وكان من المفترض أن تعود إلى الأردن في وقت لاحق. لكن منذ ذلك الوقت، فقدت الأسرة أي اتصال بها. ولم تتوقف محاولات عائلتها للبحث عنها، إذ تابعت الأسرة كل الطرق المتاحة للحصول على معلومات حول مصير ابنتهم، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل.

قصة اختفاء ميسر العيساوي

بحسب المعلومات التي تم التوصل إليها لاحقًا، فقد اعتقلت ميسر العيساوي على يد جهاز المخابرات الجوية السوري، وهي إحدى الأجهزة الأمنية الأكثر قسوة في سوريا. لا تزال التفاصيل المتعلقة باعتقالها غامضة، لكن يعتقد أنها كانت قد اعتقلت بسبب تورطها المزعوم في أنشطة ضد الحكومة السورية في وقت كانت فيه الأجواء السياسية مشحونة، إذ كان النظام السوري في ذلك الوقت يعاني من تهديدات أمنية مختلفة.

الأسرة أكدت أنها لم تتلق أي اتصال أو معلومات عن ميسر منذ اختفائها، ورغم محاولات والدتها المتكررة لزيارة السلطات السورية والاستفسار عن مكان ابنتها، لم تحصل الأسرة على أي إجابة واضحة. جرى تداول أخبار عن وجودها في سجن “صيدنايا” الشهير، وهو سجن معروف بانتهاكاته لحقوق الإنسان وظروفه القاسية التي يعاني فيها المعتقلون السياسيون.

مصير ميسر العيساوي

على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على اختفاء ميسر العيساوي، إلا أن أسرتها لم تفقد الأمل في معرفة مصيرها. في السنوات الأخيرة، ناشدت شقيقتها حياة العيساوي، عبر وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان، الجهات المعنية في الأردن وفي المجتمع الدولي للضغط على السلطات السورية للكشف عن مصير ميسر. كما أن قضية ميسر العيساوي قد أصبحت محورًا للعديد من المبادرات الإنسانية في الأردن.

الرسالة التي وجهها الروائي محمد جميل خضر

في مسعى للفت الأنظار إلى قضية ميسر العيساوي، وجه الإعلامي والروائي الأردني محمد جميل خضر رسالة مؤثرة ناشد فيها المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للمساعدة في كشف مصير ميسر العيساوي، التي اختفت في ظروف قاسية ومؤلمة. وقال خضر إن قضية ميسر تمثل مثالًا حيًا على معاناة العديد من الأسر التي تم تدمير حياتها بسبب الأنظمة القمعية التي لا تعترف بالحقوق الأساسية للإنسان.

وأشار خضر إلى أن قصة ميسر العيساوي لا تتعلق فقط بمعاناتها الشخصية، بل هي تمثل معاناة الملايين من الأسر التي لا تزال تبحث عن أحبائها في سجون الأنظمة الاستبدادية في المنطقة. وطالب بضرورة تكثيف الجهود الدولية للكشف عن مصير المعتقلين والمختطفين في سجون النظام السوري.

القضية تبرز الانتهاكات السورية

قضية ميسر العيساوي تعد واحدة من العديد من القصص التي عانى منها الشعب السوري على يد نظام بشار الأسد. فالمئات، إن لم يكن الآلاف، من المعتقلين والناشطين السياسيين، بما فيهم المعارضين السلميين، اختفوا في السجون السورية دون محاكمة، ولا يزال مصير العديد منهم غير معروف.

وتكشف قضية ميسر عن الظلم والقسوة التي تعرض لها المعتقلون في السجون السورية، بالإضافة إلى عدم احترام حقوق الإنسان. ففي حين أن العديد من الحكومات والمنظمات الدولية قد أعربت عن قلقها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، فإن قضية ميسر العيساوي تظل واحدة من أهم الأمثلة على معاناة الأسر السورية التي تبحث عن أبنائها المفقودين.

التحقيقات والتحركات القانونية

لم تتوقف عائلة العيساوي عن المطالبة بحقها في معرفة مصير ميسر. فقد حاولت الأسرة الحصول على معلومات من مختلف المنظمات الحقوقية الدولية، التي أبدت دعمًا وتضامنًا مع قضايا المعتقلين السوريين. وبالرغم من التحديات الكثيرة، لا يزال أمل الأسرة قائمًا في الحصول على إجابة نهائية حول ما حدث لميسر.

لقد كانت قضية ميسر العيساوي جزءًا من الجهود المبذولة في المجتمع الأردني والعربي للكشف عن مصير المعتقلين السوريين، وتعتبر هذه القضية واحدة من أبرز القضايا الإنسانية التي يتم تسليط الضوء عليها لتوضيح حجم معاناة الناس في سوريا خلال السنوات الماضية.

الخاتمة:

على الرغم من مرور أكثر من 35 عامًا على اختفاء ميسر العيساوي، إلا أن قضيتها لا تزال تثير العديد من الأسئلة المتعلقة بحقوق الإنسان في سوريا. أسرتها لا تزال تأمل في أن تتغير الظروف وتُكشف الحقيقة حول مصير ابنتهم المفقودة. إنّ قضية ميسر العيساوي تظل علامة فارقة في تاريخ المعاناة والظلم الذي تعرض له العديد من السوريين في ظل النظام الاستبدادي في البلاد، وهي تذكرنا بأن الكثير من الأرواح لا تزال مجهولة المصير، وأن حقائق كثيرة لا تزال مخفية خلف جدران السجون.

روزينا محمد

محررة ثقافية تتمتع بمعرفة واسعة بالفنون والثقافة، لديها شغف بالمسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية، قادرة على كتابة مراجعات ونقد فني دقيق وهادف، لديها خبرة في تحرير محتوى ثقافي متنوع، يتابع أحدث المعارض والمهرجانات الفنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !