ما هي السنة الأمازيغية؟ تاريخها وأصولها واحتفالاتها
تُعتبر السنة الأمازيغية مناسبة سنوية يحتفل بها الأمازيغ في شمال إفريقيا، خاصة في الجزائر والمغرب وتونس وليبيا. يُطلق على بداية السنة الأمازيغية اسم يناير أو يناير (بالتيفيناغ: ⵉⵏⵏⴰⵢⵔ)، ويوافق تاريخ الاحتفال بها اليوم الثاني عشر من يناير في التقويم الميلادي. تختلف أسماء الشهر الأول حسب اللهجات الأمازيغية والمغاربية، حيث يُعرف أيضاً بجانفي في الجزائر. تعود السنة الأمازيغية إلى حوالي 950 قبل الميلاد، مما يجعل التقويم الأمازيغي يتفوق على التقويم الميلادي بقرابة ألف عام، فالسنة الأمازيغية 2975 تقابل السنة الميلادية 2025.
أهمية السنة الأمازيغية ومعاني الاحتفال بها
تعتبر السنة الأمازيغية تجسيدًا للتواصل مع الأرض والطبيعة، حيث ترمز لبداية موسم زراعي جديد يُحتفى فيه بخصوبة الأرض وجمال الطبيعة. يتميز الاحتفال بالسنة الأمازيغية بالتقاليد العريقة والطقوس التي تهدف لجلب البركة والخير للعام المقبل. يُعَد الاحتفال بهذه المناسبة أيضاً تجسيداً للهوية الثقافية الأمازيغية التي تُعتَبر جزءاً لا يتجزأ من هوية شمال إفريقيا.
متى رأس السنة الأمازيغية 2025؟
سيوافق رأس السنة الأمازيغية 2975 يوم الثلاثاء، 14 يناير 2025، ويحتفل بهذا اليوم الأمازيغ في جميع أنحاء المغرب العربي. في الجزائر، يتم الاحتفال يوم 12 يناير، ويُعتبر عطلة رسمية في البلاد، وتبدأ بعض الاحتفالات المحلية في اليوم التالي أيضاً. يرتبط حلول السنة الأمازيغية ببداية فصل الشتاء البارد، المعروف بفترة الليالي السود، والتي تستمر لعشرين يومًا وتتصف بانخفاض درجات الحرارة.
التقويم الأمازيغي: جذوره وتاريخه
يعود التقويم الأمازيغي إلى 950 قبل الميلاد، عندما تم اختياره كنقطة بداية للتقويم، حيث اختارت “الأكاديمية البربرية” هذا العام كتاريخ رسمي، وهو التاريخ الذي يُقال إن الملك شيشنق الأول، ذو الأصول الأمازيغية الليبية، اعتلى عرش مصر. يعتبر الأمازيغ هذا الحدث رمزاً للفخر، إذ يرى بعضهم أن هذا التاريخ يُجسد القوة والاعتزاز بالتراث الأمازيغي.
تأثر التقويم الأمازيغي مباشرةً بـ التقويم اليولياني، الذي كان يُستخدم في أوروبا قبل اعتماد التقويم الميلادي، وقد أصبح شائعاً في شمال إفريقيا بفضل ارتباطه بتنظيم المواسم الزراعية.
حكايات وأساطير حول احتفالات يناير
يحتوي التراث الأمازيغي على العديد من الأساطير المرتبطة بيوم يناير، ومنها حكاية العجوز العنيدة. تحكي الأسطورة أن امرأة عجوز تحدت برد يناير الشديد وخرجت مع ماعزها للرعي، مما أثار غضب الشهر الذي قرر أن يعاقبها بإضافة يوم آخر شديد البرودة عبر استعارته من فبراير. تُعبر هذه القصة عن أهمية احترام الطبيعة وعدم التحدي أمام قسوتها، وتذكير بضرورة التعايش مع الظروف الطبيعية بمرونة وحذر.
عادات وتقاليد الاحتفال بالسنة الأمازيغية
يتميز الاحتفال برأس السنة الأمازيغية بعادات متنوعة ومختلفة تتجسد في الأنشطة الاجتماعية والتجمعات العائلية. من أبرز مظاهر الاحتفال:
- التجمعات العائلية
يجتمع الأمازيغ مع عائلاتهم وأصدقائهم في ليلة رأس السنة، حيث تُقام الولائم وتتزين المنازل. يُحضّر الأمهات مجموعة متنوعة من الأطباق التقليدية استعداداً للاحتفال. - ارتداء الأزياء الأمازيغية التقليدية
من التقاليد الشائعة ارتداء الأزياء والمجوهرات الأمازيغية التقليدية، والتي تُبرز جمالية الثقافة الأمازيغية وتراثها العريق. - إحياء المناسبات الشخصية
تُستغل بداية السنة الجديدة للاحتفال ببعض المناسبات الشخصية، مثل الزفاف والختان وحلاقة الشعر الأولى للأطفال. - إعداد الأطعمة التقليدية
يعتبر الكسكس الطبق الرئيسي للاحتفال، حيث يتم تقديمه مع سبعة أنواع من الخضروات، ترمز للوفرة والخير. ومن المعتقد أن من يأكل حتى الشبع في يوم يناير سيحظى بعام خالٍ من المجاعة. تُضيف العائلات أنواعًا من الفطائر، مثل السفنج، وطبق الطمينة الذي يُصنع من السميد المحمص ويُزين بالقرفة.
طقوس الاحتفال وأهمية الطعام في السنة الأمازيغية
تعتبر الأطباق التقليدية جزءاً أساسياً من طقوس الاحتفال بالسنة الأمازيغية. تتنوع الأطباق حسب المناطق، حيث يشتهر الكسكس والطمينة، وتُعَد الفطائر والحلويات مثل السفنج من الأصناف الرئيسية. وفي بعض المناطق الجزائرية، يتناول أفراد العائلة دجاجة كاملة في ليلة الاحتفال كرمز للرخاء.
تُحضر النساء في بعض العائلات الكسكس بسبعة أنواع من الخضار وسبعة أنواع من التوابل، ويُعد هذا الطبق تجسيداً للتنوع الطبيعي الذي تجلبه الأرض. كما يُعتاد توزيع بعض الطعام على الطيور والحشرات في حركة رمزية لضمان وفرة العام الجديد.
رمزية الاحتفال: تجديد الارتباط بالأرض والطبيعة
تعبر احتفالات يناير عن ارتباط الأمازيغ بأرضهم واحترامهم للطبيعة، حيث يُعتبر هذا اليوم تجديداً للعهد مع الأرض واستبشاراً بالمحصول الجديد. يعد يناير عيداً للطبيعة، حيث يجسد دور الأمازيغ كحراس للطبيعة والبيئة.
الشعائر الاجتماعية في السنة الأمازيغية
تحمل السنة الأمازيغية شعائر اجتماعية تهدف إلى تعزيز الروابط بين أفراد المجتمع. تُقام تجمعات شعبية في بعض المناطق، يتم خلالها إقامة المسابقات الشعبية والرقصات التقليدية، مما يعزز من روح الانتماء. تُعتبر هذه الشعائر فرصة لخلق بيئة اجتماعية تعكس ثقافة الأمازيغ وتوطيد العلاقات الأسرية.
الحِكم الشعبية والتهاني
يتبادل الناس التهاني مع بعضهم البعض بعبارات مثل “أسكواس أمغاز” أو “يناير أمرفو”، وهي تعني سنة جديدة سعيدة. يتمنى الأمازيغ لبعضهم أن يكون العام المقبل مليئاً بالخيرات والبركات. تتناقل الحكم الشعبية التي تُحاكي أهمية التكاتف والعمل الجماعي، مما يُعزز من روح التعاون والوفاء للثقافة الأمازيغية.
السنة الأمازيغية في العصر الحديث
في السنوات الأخيرة، بدأت العديد من الدول تعترف برأس السنة الأمازيغية كعطلة رسمية، مما يعكس الاعتراف المتزايد بالثقافة الأمازيغية كجزء من الهوية الوطنية. في الجزائر، يُعتبر يوم 12 يناير عطلة رسمية، كما تشهد المغرب احتفالات عامة وشعبية في العديد من المدن الكبرى. هذه الاحتفالات تسهم في الحفاظ على التراث الأمازيغي وتعزيز الهوية الثقافية.
تجسد السنة الأمازيغية جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية في شمال إفريقيا، حيث يُحتفى بها كل عام بروح الفخر والانتماء. يشكل يناير فرصة للتعبير عن التقدير للتراث وللقيم الاجتماعية التي تجمع بين أفراد المجتمع الأمازيغي. وبهذه المناسبة، يُعيد الأمازيغ التأكيد على ارتباطهم بالأرض التي يعيشون عليها وعلى وفائهم لإرثهم الحضاري الذي يمدهم بالقوة والوحدة.