وفاة هدى شديد الإعلامية اللبنانية بعد صراع مرير مع المرض: مسيرة إعلامية خالدة

في مشهد مؤلم وحزين، ودّع لبنان اليوم الجمعة 21 مارس 2025 الإعلامية القديرة هدى شديد، بعد صراع طويل ومرير مع مرض السرطان، الذي قاومته بشجاعة وإيمان لسنوات طويلة. خبر الوفاة وقع كالصاعقة على الوسط الإعلامي والجمهور الذي تابع مسيرتها المهنية والإنسانية بإعجاب واحترام.

من هي هدى شديد؟ مسيرة من العطاء والتميز الإعلامي

ولدت هدى شديد في 15 سبتمبر 1965، وبدأت رحلتها الإعلامية مبكرًا، لتصبح واحدة من أبرز الوجوه الإعلامية في لبنان والعالم العربي. اشتهرت بتقديم البرامج السياسية والحوارية عبر شاشة LBCI، وبرزت كمراسلة معروفة للقصر الجمهوري اللبناني، حيث غطّت نشاطات رؤساء الجمهورية المتعاقبين، ما منحها مكانة مرموقة بين الصحفيين اللبنانيين والعرب.

لم تكن هدى مجرد صوت على الشاشة، بل كانت صوت الحق والجرأة، إذ عُرفت بمهنيتها العالية، وهدوئها، وقدرتها الفذة على إدارة الحوار حتى في أصعب اللحظات السياسية.

المرض يُظهر الوجه الآخر للشجاعة

لم تكن حياة هدى المهنية وحدها التي أثارت الإعجاب، بل كانت معركتها مع مرض السرطان مثالًا على الصمود والتحدي. أصيبت بالمرض أول مرة قبل أكثر من 12 عامًا، واستطاعت التغلب عليه بإيمان قوي وروح لا تلين. غير أن المرض عاد لاحقًا ليطرق بابها من جديد، ومعه عادت المعركة.

في إحدى محطاتها الشخصية المؤثرة، ظهرت هدى عبر حسابها على إنستغرام بصورة دون شعر مستعار، وعلّقت بعبارة:
“Finally I faced my fear… It is the real FREEDOM”
بالعربية: “أخيرًا واجهت خوفي… إنها الحرية الحقيقية”.

تلك الصورة لم تكن مجرد لحظة شخصية، بل كانت إعلانًا للشجاعة الحقيقية، ونقطة تحوّل ألهمت الكثيرين ممن يعانون من أمراض مشابهة. هدى لم تكن تبكي ضعفها، بل واجهته بابتسامة هادئة ورسالة دعم للجميع.

تكريم خاص في بعبدا قبل الرحيل

من المشاهد المؤثرة في حياة الإعلامية الراحلة، تكريمها مؤخرًا من قبل رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون وعقيلته السيدة نعمت عون في القصر الجمهوري، الذي لطالما عرف وجهها ضمن أروقته كمراسلة مخلصة.

خلال التكريم، استرجعت هدى ذكريات عمرها الطويل، وقالت إنها تشعر بأن هذه الزيارة ربما تكون الأخيرة للقصر الذي أحبته. كانت كلماتها في حينها مؤثرة، وكأنها تودّع المكان الذي ارتبط باسمها ومسيرتها الطويلة.

كلمات الوداع تنهال من الزملاء والجمهور

عقب إعلان وفاتها، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بتعازي الإعلاميين والسياسيين والفنانين والجمهور، الذين عبّروا عن حزنهم العميق لفقدان شخصية إعلامية نبيلة مثل هدى شديد.

كتب أحد الإعلاميين:
“وداعًا هدى، كنتِ الصوت الهادئ في زمن الضجيج، كنتِ مرآة الإعلام المهني، وستبقين في الذاكرة.”

الكتابة والتوثيق: هدى تروي قصتها

لم تكتفِ هدى بمواجهة السرطان فحسب، بل قررت أن توثق تجربتها لتكون مصدر إلهام، فأصدرت سيرتها الذاتية تحت عنوان “ليس بالدواء وحده”، حيث تحدّثت عن رحلتها مع المرض، وعن التوازن بين الألم والأمل، وعن أهمية أن يعيش الإنسان بقوة في وجه التحديات.

الكتاب حمل رسالة واضحة:
“الإيمان، والوعي، والمحبّة، قد تكون أعظم من أي علاج.”

إرث إعلامي لا يُنسى

رحيل هدى شديد لا يعني غيابها. فهي تركت وراءها أرشيفًا إعلاميًا غنيًا، ومواقف مهنية نبيلة، وإرثًا سيبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة من الصحفيين والإعلاميين.

لقد شكّلت هدى نموذجًا للإعلامية التي تجمع بين الذكاء المهني والرقي الأخلاقي، وظلّت حتى اللحظة الأخيرة مؤمنة بدور الكلمة الصادقة والصورة النزيهة في بناء مجتمع أفضل.

لماذا كانت هدى مختلفة؟

  • لأنها اختارت الحقيقة دائمًا.
  • لأنها واجهت المرض بقوة دون أن تخفيه.
  • لأنها شاركت تجربتها لتلهم الآخرين.
  • لأنها آمنت أن الإعلام ليس مهنة فقط، بل رسالة.

الوداع الأخير

اليوم، يودّع اللبنانيون والعرب هدى شديد بالدموع والدعاء، في يوم يصادف عيد الأم، وكأن القدر اختار لها أن تغادر في يوم كانت فيه رمزًا للأمومة المهنية، وللعطاء بلا حدود.

لن تُنسى هدى شديد، وسيظل اسمها حاضرًا في أرشيف الإعلام النظيف، وفي قلوب من عايشوا صوتها، وكلماتها، وإنسانيتها التي كانت تسبق حروفها.

روزينا محمد

محررة ثقافية تتمتع بمعرفة واسعة بالفنون والثقافة، لديها شغف بالمسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية، قادرة على كتابة مراجعات ونقد فني دقيق وهادف، لديها خبرة في تحرير محتوى ثقافي متنوع، يتابع أحدث المعارض والمهرجانات الفنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !