كيف تؤثر الصراعات الجيوسياسية على سعر زيت برنت؟

يُعد زيت برنت أحد أهم المؤشرات العالمية لأسعار النفط الخام، ويُستخدم كمعيار تسعير لأكثر من ثلثي النفط المتداول عالميًا. وتؤثر عليه عوامل متعددة تشمل العرض والطلب، السياسات الاقتصادية، والتكنولوجيا. غير أن الصراعات الجيوسياسية تظل من أبرز المحركات المؤثرة على أسعاره، لما لها من قدرة مباشرة على تعطيل الإنتاج، تهديد الإمدادات، أو إثارة القلق في الأسواق العالمية.

في هذا المقال نناقش كيف تؤثر هذه الصراعات على سعر زيت برنت من عدة زوايا:

  1. أهمية زيت برنت كمؤشر عالمي

زيت برنت هو مزيج من النفط الخام يُستخرج من بحر الشمال، ويتميز بجودته العالية وقلة الشوائب فيه. يُستخدم كسعر مرجعي لأكثر من 60% من النفط المتداول دوليًا، لا سيما من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. وبالتالي، فإن أي اضطرابات تؤثر على إنتاج أو تصدير هذه المناطق تنعكس سريعًا على سعره

  1. كيف تؤثر الصراعات الجيوسياسية على الإنتاج النفطي؟

أ. تعطيل الإنتاج في مناطق النزاع

تحدث الكثير من الصراعات في مناطق غنية بالنفط مثل الشرق الأوسط (العراق، إيران، السعودية، اليمن)، شمال إفريقيا (ليبيا، الجزائر)، وأجزاء من أمريكا اللاتينية (فنزويلا). وعندما تنشب الحروب أو الاضطرابات السياسية، تتأثر عمليات الحفر والنقل والصيانة، ما يؤدي إلى تقليص العرض العالمي.

مثال:
عندما اندلعت الحرب الأهلية في ليبيا عام 2011، توقف إنتاج النفط الليبي لفترة، مما أدى إلى ارتفاع سعر زيت برنت بأكثر من 20 دولارًا خلال شهور قليلة.

ب. الهجمات على البنية التحتية النفطية

الصراعات المسلحة كثيرًا ما تشمل هجمات مباشرة على المنشآت النفطية، مثل المصافي وخطوط الأنابيب والموانئ. هذه الهجمات تقلق الأسواق لأنها تهدد الإمدادات الفعلية، وليس فقط المستقبلية.

مثال:
في سبتمبر 2019، تعرضت منشآت “أرامكو” السعودية لهجمات بطائرات مسيرة، ما خفّض إنتاج المملكة للنصف مؤقتًا، وتسبب في قفزة فورية في سعر برنت بنسبة تقارب 15% في يوم واحد.

  1. تأثير العقوبات والحصار الاقتصادي

الصراعات السياسية تؤدي أحيانًا إلى فرض عقوبات اقتصادية على دول منتجة للنفط، مثل إيران وروسيا. هذه العقوبات تقلص الصادرات النفطية لتلك الدول، ما يخلق نقصًا في الإمداد العالمي.

مثال:
في عام 2022، مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، فرضت الدول الغربية عقوبات على روسيا، أحد أكبر منتجي النفط في العالم، مما دفع سعر برنت إلى تجاوز حاجز 130 دولارًا للبرميل لأول مرة منذ 2008.

  1. تأثير التوترات السياسية حتى دون اندلاع حروب

في بعض الأحيان، لا تحتاج الأسواق إلى حرب فعلية ليتأثر سعر النفط. مجرد التوتر أو التهديد بإغلاق مضيق استراتيجي، مثل مضيق هرمز الذي تمر عبره 20% من تجارة النفط العالمية، كافٍ لرفع الأسعار بسبب “العلاوة الجيوسياسية”.

العلاوة الجيوسياسية هي الزيادة في السعر الناتجة عن المخاوف الأمنية والسياسية، وليس بسبب نقص فعلي في المعروض.

  1. دور المضاربين في الأسواق

تلعب الأسواق المالية دورًا في تضخيم أثر الصراعات الجيوسياسية. عند تصاعد التوترات، يقوم المضاربون بشراء العقود الآجلة لبرنت تحسبًا لارتفاع السعر، ما يؤدي فعليًا إلى تسريع وتيرة الصعود.

  1. العلاقة بين الاستقرار السياسي وسعر برنت

عندما تهدأ الأزمات أو يتم التوصل إلى اتفاقيات تهدئة، ينعكس ذلك فورًا بانخفاض سعر برنت. هذا يوضح كيف أن الأسواق حساسة للغاية للحالة الجيوسياسية، حيث تبحث عن الاستقرار كعامل دعم لتوازن الأسعار.

الصراعات الجيوسياسية تلعب دورًا محوريًا في تقلب أسعار زيت برنت، سواء من خلال تعطيل الإمدادات، فرض العقوبات، استهداف البنية التحتية، أو حتى مجرد التهديدات. وفي عالم يعتمد بشكل كبير على الطاقة، تصبح أسعار النفط مرآة للواقع السياسي والأمني العالمي. ولذلك، يراقب المستثمرون والمحللون تطورات النزاعات والصراعات الجيوسياسية بدقة، لأنها تظل أحد أبرز المؤشرات على تحركات سوق الطاقة في المستقبل القريب.

فاطمة الزهراء

كاتبة متعددة المواهب تغطي طيفًا واسعًا من المواضيع، بدءًا من القضايا الاجتماعية والسياسية وصولًا إلى العلوم والتكنولوجيا والفنون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !