من هو كريم سعيد حاكم مصرف لبنان الجديد؟ السيرة الذاتية ودوره المنتظر في إنقاذ الاقتصاد

تعيش الساحة السياسية والاقتصادية في لبنان لحظة مفصلية بعد الإعلان الرسمي عن تعيين كريم سعيد حاكمًا جديدًا لمصرف لبنان، خلفًا لرياض سلامة. ويأتي هذا القرار وسط أزمة اقتصادية عاتية يعيشها البلد منذ عام 2019، حيث تُبنى آمال كبيرة على الرجل الجديد لإخراج النظام المصرفي من حالة الانهيار، وإعادة الثقة المحلية والدولية بالمؤسسة المالية الأهم في البلاد.

الخبر الذي تصدر عناوين الصحف اللبنانية والدولية أثار تساؤلات واسعة لدى الرأي العام: من هو كريم سعيد؟ وما خلفيته المهنية؟ ولماذا تم اختياره رغم الانقسام داخل القيادة اللبنانية حول تعيينه؟ في هذا المقال نرصد لك القصة كاملة، ونسلط الضوء على شخصية الحاكم الجديد، مهامه المنتظرة، وخلفيته القانونية والمالية.

تعيين كريم سعيد: قرار حكومي مفصلي وسط انقسام داخلي

في جلسة عاصفة لمجلس الوزراء اللبناني يوم الخميس، صوت 17 وزيرًا من أصل 24 لصالح تعيين كريم سعيد في منصب حاكم مصرف لبنان. القرار لم يكن عابرًا، بل جاء بعد مشاورات مطولة وتأثيرات مباشرة من أطراف دولية، خاصة من الولايات المتحدة، التي أبدت حرصًا على دعم شخصية توصف بأنها إصلاحية وذات كفاءة عالية.

ورغم دعم الرئيس جوزاف عون للحاكم الجديد، فإن رئيس الوزراء نواف سلام كان يفضل شخصية أخرى، بحسب مصادر سياسية مطلعة، ما يؤكد الانقسام الحاد داخل الحكومة حول هوية الحاكم المناسب للمرحلة المقبلة.

السيرة الذاتية لكريم سعيد: خلفية أكاديمية ومهنية لافتة

كريم سعيد ليس شخصية مجهولة في الأوساط المصرفية والمالية الدولية. فقد حصل على درجة الحقوق من جامعة هارفارد المرموقة، ويُعد من أبرز الوجوه اللبنانية في عالم إدارة الثروات والاستثمارات.

في عام 2007، أسس سعيد شركة Growthgate Capital، وهي مؤسسة متخصصة في إدارة الأصول البديلة والاستثمار في شركات خاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويشغل فيها حاليًا منصب الشريك الإداري.

كما يتمتع بعضوية نقابة المحامين في نيويورك منذ عام 1989، ما يمنحه خلفية قانونية قوية، إلى جانب خبرته الواسعة في العمل المصرفي والاستثماري، خاصة في دول الخليج.

محطات بارزة في مسيرته المهنية

يمتلك كريم سعيد سجلًا حافلًا في العمل المصرفي والاستثماري، ويمكن تلخيص أبرز المحطات في مسيرته كما يلي:

  • المدير العام للخدمات المصرفية الاستثمارية في HSBC الشرق الأوسط (2000-2006): حيث قاد تنفيذ صفقات خصخصة ضخمة في المنطقة.
  • مؤسس وشريك إداري في Growthgate Capital: شركة رائدة في إدارة الأصول والاستثمار.
  • عضو مجلس إدارة بنك الإمارات ولبنان: حيث لعب دورًا استشاريًا وتنفيذيًا مهمًا في صياغة التوجهات البنكية.
  • مستشار للعديد من الحكومات الخليجية: في مجال خصخصة الشركات العامة وهيكلة الأوراق المالية.

ما الذي يُنتظر من حاكم مصرف لبنان الجديد؟

مع تعيينه، يواجه كريم سعيد تحديات هائلة، من أبرزها:

  1. إعادة هيكلة القطاع المصرفي: الذي انهار عام 2019 وتُقدّر خسائره بنحو 72 مليار دولار.
  2. التفاوض مع صندوق النقد الدولي: للوصول إلى برنامج إنقاذ اقتصادي شامل.
  3. ضمان حقوق المودعين: الذين خسروا معظم مدخراتهم نتيجة انهيار العملة وفقدان الثقة بالبنوك.
  4. تعزيز قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: تماشيًا مع معايير مجموعة العمل المالي (FATF).
  5. إخراج لبنان من “القائمة الرمادية”: وإعادة تأهيل النظام المالي للاندماج من جديد في الأسواق العالمية.

“خطة هارفارد”: رؤية إصلاحية جريئة

لطالما ارتبط اسم كريم سعيد بـ”خطة هارفارد”، وهي مبادرة إصلاحية وُضعت بالتعاون مع خبراء اقتصاديين دوليين لحل الأزمة اللبنانية، بتمويل من شركة Growthgate Capital. وتهدف هذه الخطة إلى:

  • إعادة هيكلة المصارف.
  • استعادة الثقة في الليرة اللبنانية.
  • استقطاب الاستثمارات الخارجية.
  • إعادة توزيع الخسائر بطريقة عادلة تحافظ على ما تبقى من أمل لدى اللبنانيين.

الدعم الدولي والمحلي… وانقسام داخلي

رغم الدعم الدولي الواضح الذي حظي به تعيينه، إلا أن المشهد الداخلي لا يخلو من التوتر. حيث أفادت مصادر أن الحاكم الجديد كان المرشح المفضل للقطاع المصرفي التجاري، وهو ما أثار اعتراض بعض الأطراف التي كانت تسعى لشخصية لا ترتبط بالنخبة الاقتصادية التقليدية.

ويرى مراقبون أن تعيينه، إذا ما تم دعمه بخطة حكومية شاملة، قد يكون نقطة تحول في مسار الانهيار المالي المتواصل منذ 5 سنوات.

من هو فارس سعيد؟ وهل العلاقة تؤثر؟

يُشار إلى أن فارس سعيد، شقيق كريم، هو نائب سابق في البرلمان اللبناني، مما دفع البعض للتساؤل حول تأثير هذه العلاقة على استقلالية الحاكم الجديد. لكن المؤشرات تشير إلى أن كريم سعيد يتمتع بخلفية تقنية أكثر منها سياسية، وهو ما يعوّل عليه كثيرون في الفصل بين السلطة النقدية والسياسية.

نهاية عهد سلامة وبداية حقبة جديدة

يخلف سعيد وسيم منصوري الذي شغل منصب الحاكم بالإنابة بعد انتهاء ولاية رياض سلامة التي استمرت ثلاثة عقود وشهدت نهايتها واحدة من أكبر الأزمات المالية في تاريخ لبنان.

وبحسب مراقبين، فإن تعيين حاكم جديد بكفاءة وخبرة قانونية ومصرفية دولية، يُعد ضرورة ملحة في هذه المرحلة الحرجة التي يعيشها لبنان سياسيًا واقتصاديًا.

الفقرة الختامية: هل يبدأ الأمل من جديد؟

يعوّل اللبنانيون على كريم سعيد ليكون الرجل الذي يُعيد للمصرف المركزي دوره المحوري في حماية العملة، وتنظيم العمل المصرفي، وضمان الشفافية في إدارة الأموال. وبين تحديات الداخل وضغوط الخارج، سيكون لقراراته الأثر البالغ في رسم مستقبل الاقتصاد اللبناني، وربما في كتابة أولى فصول الخروج من النفق المظلم.

روزينا محمد

محررة ثقافية تتمتع بمعرفة واسعة بالفنون والثقافة، لديها شغف بالمسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية، قادرة على كتابة مراجعات ونقد فني دقيق وهادف، لديها خبرة في تحرير محتوى ثقافي متنوع، يتابع أحدث المعارض والمهرجانات الفنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !