حقيقة فرض غرامة ذبح الأضحية بالمغرب 2025: إشاعة أم إجراء رسمي؟
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المغرب، وتراجع القطيع الوطني من الأغنام بفعل الجفاف، انتشرت على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبار تفيد بأن الدولة المغربية قررت فرض غرامة مالية على ذبح الأضحية خلال عيد الأضحى 2025، وهو ما أثار موجة جدل وتساؤلات كبيرة بين المواطنين حول مدى صحة هذا الخبر.
لكن ما هي حقيقة غرامة ذبح الأضحية بالمغرب؟ وهل هناك أي أساس قانوني لهذه الأخبار المتداولة؟
هل هناك قانون يعاقب على ذبح الأضحية؟
بحسب مصادر إعلامية مغربية موثوقة وعدد من الخبراء القانونيين، فإن الحديث عن فرض غرامة على ذبح الأضحية عارٍ من الصحة تمامًا، ولا يستند إلى أي نص قانوني رسمي.
ففي المغرب، لا يمكن فرض عقوبة أو غرامة دون وجود نص قانوني واضح منشور في الجريدة الرسمية، وهو ما يؤكده مبدأ “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص” المعتمد في القوانين المغربية.
وبالتالي، فإن ممارسة شعيرة ذبح الأضحية لا تُعد جريمة في نظر القانون المغربي، ولا توجد أي مادة قانونية تمنع أو تفرض غرامات على من يختار أداء هذه السنة الدينية.
ما هو مضمون البلاغ الملكي بشأن الأضحية؟
تعود جذور هذا الجدل إلى البلاغ الملكي الأخير الذي قرأه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، والذي جاء فيه دعوة للمواطنين إلى الامتناع عن ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى 2025، مراعاة للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وقد أوضح البلاغ أن هذه الدعوة تأتي بدافع التضامن والتيسير على المواطنين، ولم تتضمن أبدًا أي إشارة إلى فرض غرامة أو عقوبات على من يقرر ذبح الأضحية.
وجاء في نص البلاغ أيضًا أن جلالة الملك محمد السادس أعلن أنه سيقوم بذبح الأضحية نيابة عن شعبه، اقتداءً بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك تكريسًا للبعد الرمزي والديني لهذا القرار.
هل القرار سابقة في المغرب؟
رغم الجدل المثار حول الموضوع، إلا أن دعوة الملك إلى الامتناع عن الأضحية ليست سابقة تاريخية، فقد سبق أن شهد المغرب ظروفًا مشابهة أدت إلى وقف شعيرة الذبح في بعض السنوات، مثل:
- عام 1963 بسبب موجة جفاف قاسية.
- عام 1981 على خلفية الأزمة الاقتصادية.
- عام 1996 خلال سنة قحطية أثرت على تربية المواشي.
ما يميز بلاغ 2025 هو الرمزية السيادية والدينية التي حملها، دون أن يقترن بأي قرار إداري أو تشريعي بمنع الأضاحي.
ما حقيقة الحديث عن لجان مراقبة لمنع الذبح؟
ضمن الشائعات المنتشرة، تداول نشطاء على مواقع التواصل مزاعم تفيد بتشكيل لجان ميدانية لمنع ذبح الأضحية، والقيام بجولات داخل الأحياء لرصد المخالفين وتغريمهم.
لكن، وفق تصريحات عدد من المحامين والحقوقيين، فإن هذه الأخبار لا تستند إلى أي بلاغ رسمي صادر عن السلطات المحلية أو وزارة الداخلية.
وقد نفى المحامي خالد الدان في تصريحات صحفية وجود أي تكييف قانوني يمكن أن يُبنى عليه مثل هذا الإجراء، مشددًا على أن البلاغ الملكي ليس أمرًا زجريًا، بل توجيه أخلاقي لا يترتب عليه أي إلزام قانوني.
دوافع الدعوة إلى الامتناع عن الأضحية 2025
رغم أن الشعيرة ذات بعد ديني قوي، فإن البلاغ الملكي جاء استجابة لظروف موضوعية تعاني منها البلاد في الفترة الحالية، وأبرزها:
- تراجع القطيع الوطني بنسبة ملحوظة بسبب توالي مواسم الجفاف.
- ارتفاع أسعار الأعلاف والمواشي، ما تسبب في صعوبة شراء الأضاحي لكثير من الأسر.
- الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها المواطن المغربي، بسبب التضخم وغلاء الأسعار.
وعليه، فقد ارتأى البلاغ الملكي أن التيسير على الناس أولى من التشديد، وهو ما يتوافق مع المقاصد الشرعية للإسلام.
موقف الرأي العام المغربي
أثار موضوع غرامة ذبح الأضحية بالمغرب انقسامًا واسعًا بين المواطنين:
- فئة اعتبرت الدعوة مبادرة رحيمة تنسجم مع الواقع الاقتصادي الصعب.
- وفئة أخرى رفضت الفكرة جملة وتفصيلًا، معتبرة أن الشعيرة لا يجب أن تتوقف لأي سبب.
- وهناك من أبدى تفهمًا للقرار بشرط ألا يتحول إلى إلزام قانوني أو عقوبة.
وفي جميع الأحوال، تبقى حرية الاختيار مكفولة للمواطنين، دون وجود أي عائق رسمي يمنع أداء الأضحية.
ختاماً:
إن الحديث عن فرض غرامة على ذبح الأضحية في المغرب 2025 لا أساس له من الصحة، ولم يصدر أي قانون رسمي بهذا الخصوص. البلاغ الملكي جاء كبادرة رمزية وإنسانية للتخفيف عن كاهل المواطن، ولم يتضمن أي إلزام قانوني.
وينبغي توخي الحذر من الشائعات المتداولة على منصات التواصل، والرجوع دائمًا إلى المصادر الرسمية في مثل هذه القضايا الحساسة.
وفي نهاية المطاف، تبقى شعيرة الأضحية مسألة فردية مرتبطة بالاستطاعة والنية، والدولة لم تتدخل قانونيًا في تفاصيلها حتى الآن.