من هو الشيخ أحمد الصياصنة “شيخ الثورة السورية”؟

الشيخ أحمد الصياصنة، المعروف بلقب “شيخ الثورة السورية”، يعد أحد أبرز الشخصيات الدينية والاجتماعية التي لعبت دورًا محوريًا في الحراك السلمي للثورة السورية. وُلد الشيخ أحمد عيد الصياصنة في مدينة درعا البلد، ونشأ في كنف أسرة فقيرة، لكنه تمكن من التغلب على الصعوبات، حتى فقد بصره بسبب إصابته بالرمد في طفولته المبكرة. هذا العجز لم يكن عائقًا أمام عزيمته، إذ تمكن من تحقيق مكانة مرموقة في العلم والدعوة الإسلامية.

نشأته وتعليمه

تلقى الشيخ الصياصنة تعليمه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، حيث تخرج عام 1973 من كلية الدعوة وأصول الدين. عاد إلى سوريا ليبدأ مسيرته في الخطابة والتعليم الديني، حيث عُين إمامًا وخطيبًا في مدينة إزرع، ثم في مدينة بصري الشام، وصولًا إلى تعيينه خطيبًا للجامع العمري في عام 1978. ومن هذا المنبر التاريخي، بدأ مسيرته في التوجيه والإرشاد، محذرًا من الفساد والاستبداد، مما أدى إلى تعرضه للتضييق والمنع من الخطابة عدة مرات لأسباب سياسية.

دوره في الثورة السورية

مع انطلاق الثورة السورية في 18 مارس/آذار 2011 من مدينة درعا، برز الشيخ الصياصنة كأحد الرموز الأساسية للحراك السلمي. كان من أوائل من دعوا إلى التظاهر السلمي من منبر الجامع العمري، الذي تحول لاحقًا إلى رمز للثورة السورية. انضم إلى وفد من وجهاء درعا للقاء بشار الأسد بهدف إطلاق سراح المعتقلين وتحقيق مطالب الشعب. لكن، وبدلًا من الاستجابة، قامت قوات النظام بقتل ابنه أسامة واعتقال ابنيه الآخرين، ثم حاصرت منزله بالدبابات لإجباره على إعلان الولاء للنظام عبر التلفزيون الرسمي.

الاعتقال والتهجير

بعد تهديدات متواصلة وحملة تضييق مكثفة، أجبر النظام الشيخ الصياصنة على الظهور إعلاميًا لتأييد النظام تحت التهديد بقتل أبنائه المعتقلين. وضع بعدها قيد الإقامة الجبرية لعدة أشهر، إلى أن تمكن بوساطة المراقبين العرب من مغادرة سوريا في يناير 2012 إلى الأردن بمساعدة بعض فصائل الجيش الحر.

في الأردن، استمر الشيخ الصياصنة في دعم الثورة عبر المشاركة في مجلس الأمناء الثوري السوري، حيث عمل على دعم الجهود الإغاثية والمالية حتى توقف المجلس عن نشاطه لاحقًا.

عودته إلى درعا

بعد سنوات طويلة من الغربة، عاد الشيخ أحمد الصياصنة إلى مسقط رأسه في درعا عبر معبر نصيب الحدودي. عودته كانت مليئة بالمشاعر، حيث استقبلته الحشود بحفاوة كبيرة، وسط احتفال شعبي داخل المسجد العمري، الذي كان مركزًا لانطلاق الثورة. في كلمة حماسية، دعا الشيخ إلى الوحدة ونبذ الكراهية والطائفية، مؤكدًا أن الشعب السوري قادر على بناء وطن جديد يرتكز على العدل والمساواة.

مواقفه المؤثرة

تكريم الشهداء

خلال عودته، شارك الشيخ في فعالية لتكريم شهداء الثورة، حيث أشاد بتضحياتهم مؤكدًا أن أرواحهم في قناديل الجنة. قال: “شهداؤنا خير منا، يا ليتنا كنا معهم. الشهادة شرف عظيم وواجبنا أن نكمل الطريق.”

رسالته للمسيحيين

أظهر الشيخ الصياصنة روح التآخي الوطني في لقاء جمعه بالقس جرجس رزق، حيث أشاد بدور المسيحيين خلال الثورة في معالجة الجرحى ودعم الشعب السوري. قال الشيخ: “لن ننسى فضلكم عندما فتحتم كنائسكم لإغاثة الجرحى. هذا واجب إنساني نبيل يُسجل في تاريخ سوريا.

ذكرياته عن انطلاق الثورة

استعاد الشيخ الصياصنة تفاصيل اليوم الأول للثورة في حديث مع الجزيرة مباشر، حيث وصف اللحظات المؤثرة لخروج المتظاهرين من المسجد العمري بالتكبيرات، واستشهاد أول الضحايا. قال الشيخ: “كانت تلك اللحظات بداية لتحول تاريخي، حيث قرر الشعب كسر حاجز الخوف والمطالبة بحريته.”

كما عبر عن مشاعره عند سقوط النظام بقوله: “لم أنم ليلة تحرير دمشق، كانت لحظة تاريخية تؤكد أن الحق ينتصر مهما طال الظلم.”

تحديات وإصرار

رغم الدمار الذي لحق بدرعا، بما في ذلك منزله الشخصي الذي دمر بالكامل، أبدى الشيخ أحمد الصياصنة تفاؤله بمستقبل سوريا. قال في كلمته: “علينا أن ننطلق نحو المستقبل، نتجاوز آلام الماضي ونبني وطنًا قويًا كما فعلت الشعوب الأخرى بعد الحروب.”

رسائل الشيخ للمستقبل

دعا الشيخ السوريين إلى:

  1. الوحدة الوطنية: نبذ الخلافات والعمل معًا لبناء وطن يتسع للجميع.
  2. الإيمان بالمستقبل: التفاؤل رغم الصعوبات، والعمل على إعادة بناء سوريا بسواعد أبنائها.
  3. تحقيق العدالة: بناء دولة قائمة على العدل والمساواة بعيدًا عن الانتقام والطائفية.

خاتمة:

الشيخ أحمد الصياصنة، رمز الثورة السورية، ليس مجرد شخصية دينية بل هو صوت نادى بالحرية والعدالة في أصعب الظروف. عودته إلى درعا تمثل بادرة أمل للشعب السوري، وتذكيرًا بأن النضال من أجل الحرية لا يضيع هباءً. من المسجد العمري، حيث بدأت الثورة، يستمر الشيخ الصياصنة في إيصال رسالته بأن الشعب السوري يستحق العيش بكرامة وعدالة، وأن البناء يتطلب الإصرار والتكاتف لتحقيق الحلم بوطن حر ومستقل.

روزينا محمد

محررة ثقافية تتمتع بمعرفة واسعة بالفنون والثقافة، لديها شغف بالمسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية، قادرة على كتابة مراجعات ونقد فني دقيق وهادف، لديها خبرة في تحرير محتوى ثقافي متنوع، يتابع أحدث المعارض والمهرجانات الفنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع موجز الأنباء

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع موجز الأنباء.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !