من هو المعلم فاضل الجلولي؟ قصة مأساوية تثير الرأي العام
في حادثة مأساوية اهتزت لها منطقة الشابة من محافظة المهدية في شرق تونس، فقدت تونس أحد معلميها المخلصين، وهو الأستاذ فاضل الجلولي، الذي كان يعمل مدرسًا لمادة التربية الإسلامية في المدرسة الإعدادية ابن شرف. وفاة الجلولي جاءت بعد حادث مؤلم، إذ أقدم على إضرام النار في جسده داخل منزله إثر تعرضه لحملة تنمر مدرسي، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة بين أفراد المجتمع التونسي، وأدى إلى فتح تحقيق رسمي من النيابة العمومية لتحديد ملابسات الحادث. في هذا المقال، سنتناول تفاصيل حياة الأستاذ فاضل الجلولي، وكيف أن حادثة وفاته أبرزت مشاكل كبيرة في قطاع التعليم في تونس، خاصة فيما يتعلق بـ التنمر المدرسي والعنف داخل المؤسسات التربوية.
من هو المعلم فاضل الجلولي؟
من هو المعلم فاضل الجولي؟ فاضل الجلولي هو معلم تونسي كان يعمل في المدرسة الإعدادية ابن شرف في منطقة الشابة، التابعة لمحافظة المهدية في شرق تونس. لقد كان أستاذًا مخلصًا ومحبوبًا من طلابه، حيث تخصص في تدريس مادة التربية الإسلامية، وهي مادة أساسية في النظام التربوي التونسي، تهدف إلى تعزيز القيم الأخلاقية والدينية لدى الشباب. لكن، مع مرور الوقت، تعرض الجلولي لحملة تنمر مدرسي قاسية، تسببت في تدهور حالته النفسية بشكل ملحوظ.
وفقًا للتقارير، بدأ التنمر ضد الجلولي عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تم نشر صور وفيديوهات تظهره في مواقف محرجة أو يظهر فيها وهو يتعامل مع استفزازات من قبل مجموعة من التلاميذ. هذا التنمر لم يقتصر على نطاق التلاميذ فقط، بل امتد ليشمل أيضًا أشخاصًا من خارج المؤسسة التربوية الذين بدأوا يوجهون له إساءات لفظية غير مبررة. وقد أدى هذا الوضع إلى تدهور نفسي وصحي للجلولي، الذي شعر بالعزلة والضغط المتزايد.
حملة التنمر التي أودت بحياة فاضل الجلولي
في الأيام التي سبقت وفاة الأستاذ الجلولي، كان يعاني من أزمات نفسية شديدة نتيجة التنمر المدرسي الذي تعرض له. وفقًا لبعض التقارير، فقد استفزّه عدد من التلاميذ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفعه إلى الرد عليهم بطريقة شخصية. إلا أن ما حدث هو أن هذه الردود تحولّت إلى مادة للتنمر، حيث قام العديد من الأشخاص بنشر الفيديوهات والصور على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل ساخر، مما زاد من ضغطه النفسي.
فيما بعد، تعرض الجلولي إلى مضايقات لفظية من بعض الأشخاص داخل المدرسة وخارجها، الأمر الذي أثر سلبًا على نفسيته. ورغم تحذيرات من بعض الزملاء في العمل حول وضعه النفسي، إلا أن إدارة المدرسة لم تتحرك لحل المشكلة، الأمر الذي عزز شعوره بالوحدة والعجز.
كانت هذه الحملة المستمرة من التنمر هي التي أدت إلى أن يقوم الأستاذ فاضل الجلولي بإضرام النار في جسده داخل منزله، بعد أن وصل إلى حالة من اليأس الشديد. تم نقله إلى مستشفى الحروق في بن عروس بالقرب من العاصمة تونس، حيث فارق الحياة بعد أيام من تعرضه للحروق البليغة.
ردود الفعل من المجتمع التونسي
أثارت وفاة الأستاذ فاضل الجلولي موجة من الغضب والاستنكار في جميع أنحاء تونس. المعلمون في منطقة الشابة نظموا إضرابًا عامًا في جميع المؤسسات التعليمية بالجهة، احتجاجًا على ما وصفوه بـ تردي الأوضاع في قطاع التعليم، خاصة فيما يتعلق بظاهرة التنمر المدرسي والعنف الممارس ضد المعلمين.
وأكد عمر نصر، كاتب عام نقابة التعليم الثانوي في محافظة المهدية، في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية أن التغاضي عن هذه السلوكيات داخل المؤسسات التعليمية ساهم بشكل كبير في تدهور حالة الجلولي. وصرح نصر قائلاً: “لقد كانت وفاة الجلولي نتيجة سياسة التغاضي التي تم اتباعها على المستوى الجهوي، حيث تعرض لعملية تنمر شديدة في المدرسة وخارجها، ولم تتحرك الإدارة لحماية الأستاذ من هذه المضايقات”.
التنمر المدرسي في تونس: أزمة مستمرة
حادثة وفاة فاضل الجلولي هي إحدى علامات التنمر المدرسي الذي يعاني منه العديد من المعلمين في تونس، إذ أصبحت هذه الظاهرة مشكلة مؤرقة تؤثر سلبًا على البيئة التعليمية. التنمر المدرسي هو سلوك عدواني يتضمن الإساءة أو الاستفزاز أو السخرية من الآخر، وهو قد يحدث داخل الفصول الدراسية أو على وسائل التواصل الاجتماعي. ويؤدي هذا التنمر إلى التأثيرات النفسية السلبية على الضحايا، مما يسبب لهم أزمات نفسية قد تتطور إلى حالات خطيرة، كما حدث مع الأستاذ الجلولي.
وبحسب إحصاءات رسمية، شهدت تونس في عام 2023 تسجيل ما يزيد عن 2231 قضية تتعلق بـ العنف المدرسي، والتي تشمل التنمر والاعتداءات الجسدية على المعلمين والتلاميذ. هذا الرقم يسلط الضوء على انتشار العنف في المؤسسات التعليمية، ويشير إلى أن الحلول لم تكن فعّالة بما فيه الكفاية للحد من هذه الظاهرة.
موقف وزارة التربية والتعليم في تونس
بعد وفاة الأستاذ فاضل الجلولي، زار وفد من وزارة التربية المدرسة الإعدادية ابن شرف حيث كان يعمل الراحل، وذلك للوقوف على ملابسات الحادثة والتأكد من توفير بيئة تعليمية آمنة. وأعلنت وزارة التربية في بيان رسمي عن فتح تحقيق شامل لمعرفة كيفية حدوث هذه الحملة من التنمر، والتأكد من الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل إدارة المدرسة.
كما أعربت الوزارة عن أسفها العميق لهذه الحادثة، وأكدت أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحالات مستقبلاً، بما في ذلك تحسين بيئة العمل للمعلمين وزيادة الوعي حول التنمر المدرسي.
دور المجتمع في مكافحة التنمر والعنف المدرسي
إن ما حدث للأستاذ فاضل الجلولي يجب أن يكون دعوة للاستيقاظ لجميع الأطراف المعنية من حكومة، ومؤسسات تربوية، وأسر، ومجتمع، للحد من ظاهرة التنمر المدرسي. من الضروري أن يتم وضع خطط استراتيجية لرفع مستوى الوعي بين التلاميذ والمعلمين على حد سواء حول مخاطر التنمر وآثاره السلبية. كما يجب العمل على تطوير برامج تربوية تهدف إلى بناء ثقافة من الاحترام المتبادل وتعزيز التفاهم بين الطلاب والمعلمين.
خاتمة
إن وفاة فاضل الجلولي هي خسارة كبيرة للتعليم التونسي، وهي بمثابة صرخة ضد تفشي التنمر المدرسي والعنف في المؤسسات التعليمية. يجب أن تكون هذه الحادثة نقطة تحول في تعاملنا مع هذه الظاهرة، وأن يُتخذ الإجراء الفوري لحماية المعلمين من أي سلوك غير لائق قد يؤثر على حياتهم. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نعمل جميعًا على تحسين الظروف التعليمية وتوفير بيئة آمنة وصحية للجميع، سواء كان ذلك للمعلمين أو التلاميذ.